رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيس بمقدار نصف نقطة مئوية خلال الأسبوع الماضي (أ ف ب)
كشفت بيانات رسمية حديثة عن أن الاقتصاد الأوروبي سجل نمواً بشكل غير متوقع في الربع الثاني من هذا العام، ما أدى إلى تهدئة المخاوف، في الوقت الحالي، من أن القارة ربما انزلقت إلى الركود، فقد نما اقتصاد الاتحاد الأوروبي بنسبة أربعة في المئة المعدلة موسمياً في الربع الأخير مقارنة بالربع نفسه من العام الماضي، و0.6 في المئة مقارنة بالربع الأول، وفقاً لتقدير أولي نشره مكتب إحصاءات الاتحاد الأوروبي، والبلدان الـ19 التي تستخدم اليورو كعملة لها، والتي تمثل ما يقرب من خُمس الناتج الاقتصادي العالمي، نمت بشكل أسرع قليلاً، بنسبة أربعة في المئة و0.7 في المئة على التوالي، لكن بيانات أخرى أظهرت أن ألمانيا، وهي أكبر اقتصاد في المنطقة، شهدت ركوداً في الربع الثاني. وفي السياق، فقد استمر التضخم في الارتفاع، وبلغت أسعار المستهلكين في منطقة اليورو 8.9 في المئة خلال شهر يوليو (تموز) الماضي، بارتفاع طفيف عن الشهر السابق، وفقاً لبيانات “يوروستات” الأولية.
Untitled.png
أزمة نقص السلع تتفاقم
وتأتي هذه الأخبار بعد إعلان الولايات المتحدة عن انكماش اقتصادها للربع الثاني على التوالي، ما زاد من مخاوف الركود. ولأشهر عدة، أدى الارتفاع العالمي في أسعار الطاقة والغذاء إلى الضغط على المستهلكين والشركات الأوروبية، وقد أدى الهجوم الروسي على أوكرانيا في أواخر فبراير (شباط) الماضي، والعقوبات التي تلت ذلك، إلى تفاقم الوضع، ما أدى إلى نقص السلع الأساسية، إضافة إلى ظهور أزمة طاقة تسببت في اشتعال أزمة التضخم.
وخلال الأسبوع الماضي رفع البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيس بمقدار نصف نقطة مئوية، وهي أول زيادة له منذ 11 عاماً، في محاولة للحد من الأسعار المتصاعدة، لكنها لا تزال تواجه معركة شاقة للسيطرة على الوضع.
وعلى الرغم من البيانات الحديثة الخاصة بنمو الاقتصاد الأوروبي، لا يزال الركود في أوروبا أمراً محتملاً إلى حد كبير، إذ تواجه احتمال حدوث أزمة طاقة كاملة هذا الشتاء، ويتخلف البنك المركزي عن أقرانه مثل الاحتياطي الفيدرالي، وكانت أسعار الفائدة في أوروبا سلبية منذ عام 2014، ما يعني أنها متأخرة أكثر مقارنة بمعدلها في الدول المتقدمة والأسواق النامية، وإذا أدى نقص الطاقة إلى دخول المنطقة في ركود، فقد يضطر البنك المركزي الأوروبي إلى التوقف فجأة عن رفع أسعار الفائدة، ما يعوق قدرته على مواصلة مكافحة التضخم.
وفي حال حدوث ركود يمكن أن يخف التضخم من دون الحاجة إلى مزيد من التدخل من البنك المركزي، لكن الاقتصاديين بالكاد يتأصلون في هذه النتيجة، والتي من شأنها أن تؤدي إلى موجة من فقدان الوظائف، فقد أظهر استطلاع لمديري الصناديق الأوروبية أجراه “بنك أوف أميركا”، ونُشر الأسبوع الماضي، أن 86 في المئة من المشاركين يتوقعون ركوداً خلال العام المقبل، ارتفاعاً من 54 في المئة خلال توقعات يونيو (حزيران) الماضي.
أكبر اقتصاد أوروبي يواجه خسائر عنيفة
وتشير البيانات المتاحة إلى أن فرص حدوث ركود في أوروبا تصاعدت في وقت سابق من هذا الأسبوع عندما قطعت روسيا، تاريخياً أكبر مورد منفرد للطاقة، إمدادات الغاز الطبيعي عبر خط أنابيب رئيس، وتعاني القارة نقص الإمدادات منذ أشهر وسط تصاعد الصراع الاقتصادي بين موسكو وبروكسل في شأن الحرب في أوكرانيا. وكانت النتيجة ارتفاع أسعار الطاقة بشكل صاروخي، ما غذّى التضخم، وكان الأسبوع الماضي، إفلاس أكبر مستورد للغاز في ألمانيا.