جديدا للإنتاج، وبالتالي فهي شكل جديد من أشكال السلطة، ومع كل موجة حضارية أنتجنا نمط أسرة معين و نمط مدرسة معين و نمط سوق معين فعلى سبيل المثال عرف العالم 03 موجات حضارية :
١. الموجة الحضارية الأولى وهي موجة الاقتصاد الزراعي فهذه الأخيرة أنتجت على مستوى السوق الباعة المتجولين و البازار وعلى مستوى المدرسة أنتجت مدرسة المجتمع التي كانت مدرسة عضوية نشأت في أحضان المجتمع وتطورت في كنفه وتحت رعايته وبدعم منه وكانت في نفس الوقت في خدمته إلى أن جاءت الدولة القومية الحديثة. أما على مستوى الأسرة فعرفت بروز الأسرة الممتدة.
٢. أما الموجة الحضارية الثانية وهي موجة الاقتصاد الصناعي فقد كان لهذه الأخيرة تأثير أيضا على الأسرة و المدرسة و السوق، فعلى مستوى السوق عرفت موجة الاقتصاد الصناعي ظهور المتاجر التجارية والمصانع وبروز الصناعات الجديدة مع حاجات الرأسمالية الصاعدة آنذاك والحاجة إلى يد عاملة مؤهلة تأهيلا نمطيا يستجيب للتنميط الموجود في المصانع. أما على مستوى المدرسة في ظهر ما يسمى بمدرسة الدولة التي عملت الدولة القومية الحديثة على ترسيم حدودها و هويتها و تنميط الثقافات الجهوية في ثقافة قومية واحدة ، أما على مستوى الأسرة فعرفت هذه الأخيرة تقليص حيث اتجهنا من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية.
٣.وأخيرا الموجة الحضارية الثالثة وهي موجة إقتصاد المعرفة
وأنتجت موجة ثالثة من مظاهرها “اقتصاد المعرفة” و “مجتمع المعرفة” و “حروب المعرفة”…، وبالتالي السؤال الذي يطرح نفسه كيف سيكون شكل السوق والأسرة و المدرسة في ظل موجة إقتصاد المعرفة؟
إن النمط الجديد للإنتاج أنتج رأسمالية جديدة يسميها موليي بوتانغ ب “الرأسمالية المعرفية”. وأمام هذا التطور من رأسمالية الصناعية إلى رأسمالية معرفية أصبحنا أمام تهديدات ومخاطر من نوع جديد، لكن أصبحنا أيضا أمام فرصة تاريخية من نوع الفرص التي لا يجود التاريخ بمثلها إلا مرة واحدة في كل دورة تاريخية.
إن التهديدات والمخاطر الجديدة تتمثل في الآليات الجديدة لإعادة إنتاج نفس أسباب التقدم عندهم ونفس أسباب التخلف عندنا، والفرصة التاريخية تتمثل في نهاية عصر احتكار المعرفة. إن أهم مكسب لعصر المعرفة لا يكمن في الثورة المعرفية والثورة التواصلية، بل في التراجع الكبير لنسبة احتكار المعرفة؛ وقد استفادت دول وشركات ذكية وعلى رأسها الصين وشركاتها من هذه الفرصة وحققت طفرة تاريخية.
إن قطار “اقتصاد المعرفة” تَسُوقُه وتُسَوِّقه “الرأسمالية المعرفية”. والتحول نحو اقتصاد المعرفة ومجتمع المعرفة دون استراتيجية ذاتية ذكية للمعرفة ومشروع يؤطرها ويوجهها هو مجرد تكريس للتخلف والتبعية.
إن الركوب الذكي لقطار المعرفة