يات من المعلومات والمعارف عمودًا راسخًا يتكئ عليه الاقتصاد، إذ أصبحت المعلومات الأداة الأولى لدى المسوقين وهذا ما جعل من إنشاء القيمة في اقتصاد المعرفة تحدٍّ لا بدّ من خوضه والنجاح فيه.
غالبًا ما يتم الخلط بين قيمة منتج ما مع سعره، وفي الواقع توجد بعض المذاهب الاقتصادية الكلاسيكيّة التي تعد القيمة والسعر مفهومًا واحدًا، ولكن في العصر الحديث بدأ المفهومان يتمايزان عن بعضهما البعض، فأصبحت قيمة منتجٍ ما منفصلةً عن سعره.
يناقش هذا المقال إنشاء القيمة في اقتصاد المعرفة وأهميتها، والأساسيّات التي يجب مراعاتها عند إنشاء هذه القيمة.
ما هو اقتصاد المعرفة؟
مصطلح اقتصاد المعرفة هو مصطلحٌ حديثٌ أطلقه بيتر دروكر Peter Drucker عام 1966 في كتابه “التنفيذيّ الفعّال The Effective Executive” وهو يعبّر عن تركيز الاقتصاد الحالي على الزاد البشري والمعرفي والمهارات أكثر من اعتماده على عملية الإنتاج.
إن اقتصاد المعرفة هو الاقتصاد الأساسي بين الدول المتقدمة، إذ يعتمد على رأس المال البشري والأصول غير الملموسة كالتكنولوجيا المسجلة الملكية، وهذا ما جعل من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في مقدمة النمو الاقتصادي، بالتالي أصبحت مهارات تحليل البيانات والقدرة على الابتكار من أكثر المهارات طلبًا في سوق العمل الحديث.
تتطلّب تنمية اقتصاد المعرفة في بلدٍ ما تحضير عدّة ركائز للنهوض بهذا الاقتصاد، أهمها:
التعليم والتدريب: كون اقتصاد المعرفة يعتمد على الزاد البشري.
البنية التحتية: يتضمّن ذلك كل ما يحتاجه تناقل المعلومات من الراديو حتى الإنترنت الممتاز.
نظام الحوافز: من الضروري دعم المحاولات الخلّاقة والتشجيع على الابتكار.
دعم الأبحاث: دعم مراكز الأبحاث والجامعات والاستثمار في البحث العلمي هو أمر في غاية الأهميّة.
طرح الانتقال من الاقتصاد الصناعي إلى الاقتصاد المعرفي الكثير من التحديات، خصوصًا فيما يتعلّق بالمهارات المطلوبة من قبل العمّال، إذ لا يتمتّع الجميع بهذه المهارات وبالتالي من الضروري تدريب الموظفين على هذه المهارات.
إنشاء القيمة في اقتصاد المعرفة
يقصد بإنشاء القيمة تحويل الجهد المبذول في منتجٍ ما إلى شيئ يحقق حاجات الآخرين، إذ يمكن تناول مفهوم القيمة من ثلاث جوانب:
القيمة من منظور المستثمر.
القيمة من منظور المستهلك.
القيمة من منظور العامل أو الموظّف.
تدرك الشركات الكبيرة أنّ الهدف من أيّ عملٍ هو تحقيق أعلى قيمة ممكنة للمجموعات الثلاث، إذ لا يجب التركيز على إحدى المجموعات على حساب البقية، فيساعد تحقيق القيمة للمستهلك في بيع وتسويق المنتج، بينما يساعد تحقيق القيمة للمستثمر في استمرار العمل في المستقبل وهكذا.
إنشاء القيمة في اقتصاد المعرفة
القيمة من منظور المستثمر
تركّز قيمة المنتج من منظور المستخدم على ناحية العائد على رأس المال، إذ يحدّد العائد المرتفع على رأس المال مع هامش الربح الكبير قيمة المنتج بالنسبة للمستثمر، ولتحقيق هذا الربح يجب أن يتمّ تسويق المنتج بشكلٍ جيّدٍ لا يمكن تحقيقه إلّا إذا قدّم المنتج قيمةً للمستهلك.
القيمة من منظور المستهلك
تتمحور القيمة من منظور المستهلك حول إمكانية الاستفادة من المنتج -أو الخدمة- في إنجاز عملٍ ما أو إشباع رغبةٍ ما، ولتحقيق هذا النوع من القيمة يجب دراسة السوق بشكلٍ جيّدٍ وفهم احتياجاتهم ودوافعهم وتقديم هذه القيمة على شكل منتجٍ أو خدمةٍ تلبي لهم هذه الحاجة.
القيمة من منظور العامل أو الموظّف
لا يمكن إنجاز أي منتجٍ أو خدمةٍ دون الجهد المبذول من قبل الموظّفين، ومن الضروري جدًّا أن يحقق هذا المنتج قيمةً لهم كي يضعوا طاقتهم في صناعته وتكوينه، وتشمل القيمة من منظور الموظّفين تضمينهم في اتخاذ القرار، ودعمهم بخططٍ تعويضيّة، وتدريبيهم وتطوير مهاراتهم، والتركيز على العمل الجماعي وروح الفريق.
أساسيات إنشاء القيمة في اقتصاد المعرفة
نظرًا للاعتماد الكبير على الزاد البشري في اقتصاد المعرفة، من الضروري تقديم القيمة لجميع الأطراف المشاركين في عملية الإنتاج (المستثمر والموظّف والمستهلك) ، وعند إنشاء القيمة في اقتصاد المعرفة لا بدّ من التركيز على النقاط التالية: