ما هو اقتصاد الميتا؟
كغيره من التطورات التقنية العديدة، أدى الميتافيرس إلى إيجاد طيف واسع من الفرص الاقتصادية. وهو باعتباره عالماً افتراضياً يحاكي العلاقات الاقتصادية والاجتماعية في العالم الواقعي، يوفر بالفعل فرصاً اجتماعية واقتصادية مماثلة. وبطبيعة الحال، فإن الميتافيرس الذي تجري أحداثه في العالم الرقمي ينضوي تحت مظلة “الاقتصاد الرقمي”، وهي المظلة التي ما انفكت تزداد اتساعاً.
لكن الاقتصاد الرقمي ليس جديداً، فما هو الجديد حقاً بشأن اقتصاد الميتا – أي الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالميتافيرس؟ يمكننا القول إن اقتصاد الميتا هو التطور الطبيعي لما نطلق عليه اليوم اسم الاقتصاد الرقمي. وكما هو معروف فإنه في “الاقتصاد المادي” يجري التداول في الأصول المادية بين أشخاص حقيقيين، وهو ما تعزز من خلال الاقتصاد الرقمي حيث يتم تداول الأصول المادية نفسها ولكن من خلال المنصات الرقمية. أما في اقتصاد الميتا، فإن المستهلكين يستخدمون المنصات الرقمية من أجل التداول بالأصول الرقمية غير المادية. ويمكننا النظر إلى هذا التطور من خلال المثال التالي الذي يحاكي بيع وشراء قطعة أرض:
chart-02[2]
يشتمل اقتصاد الميتا على أمور تمتاز بأنها رقمية بشكل كامل منها الوظائف والأصول والأسواق والتجار الذين يتفاعلون عبر طيف واسع من المنصات التي نشأت مؤخراً في عالم الاقتصاد الرقمي التفاعلي. ومن المنصات الجديدة ثمة أسماء أصبحت معروفة مثل أوبن سي، وساندبوكس، وأبلاند، وديسنترلاند. وتعمل شركات التكنولوجيا الحالية أيضًا على توسيع حضورها في سلاسل القيمة المرتبة باقتصاد الميتا ، مثل الشبكات الاجتماعية وشركات الألعاب ومنصات البث.
ويعد النشاط القائم على تلك المنصات، وتحديداً الاتجار بالأصول الافتراضية، والعمل الافتراضي ضمن البيئات الافتراضية باستخدام قيمة نقدية حقيقية جزءاً من اقتصادات الميتا. ومن خلال هذا النشاط الذي يجري في عالم الميتافيرس، يتمكن الناس من امتلاك وإنفاق المال “الحقيقي” على السلع الافتراضية.
كيف تكون سلسلة القيمة الخاصة باقتصاد الميتا؟
رغم أنها تبدو خارجة عن المألوف، فإن سلسلة القيمة الخاصة باقتصاد الميتا تعتمد بشكل كبير على البنية التحتية الرقمية الحالية، من أجل توفير تجربة رقمية سلسة للمستهلكين والتجار. يبدأ الأمر من البنية التحتية ، حيث يتم توفير الاتصال من قبل مزودي الإنترنت الحاليين مثل اتصالات ودو في الإمارات، ثم هناك واجهة بشرية، تتمثل في الأجهزة التي تربط المستهلكين بـالميتافيرس، بما في ذلك الهواتف والأجهزة القابلة للارتداء. وتعتمد خاصية اللامركزية والحوسبة المكانية أيضًا على التقنيات الحالية، لكنها تعمل على توسيع حدود التجارب المدعومة بالذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي / الواقع المعزز الحالية.
غير أن اقتصادات الميتا تزدهر في الأقسام العلوية الثلاثة من الهرم المبيّن أدناه، وذلك ابتداء من اقتصاد الإبداع: حيث يشرع الأفراد والأعمال في خلق قيمة رقمية، ثم مرحلة الاكتشاف: حيث تعمل الآليات القائمة على ربط المستهلكين بالأصول والتجارب الرقمية التي تستهويهم، وأخيراً مرحلة التجربة وهي المنصات التي تجري فيها أنشطة اقتصاد الميتا.
chart-04[1]
ما هي الوظائف والبضائع التي تعد جزءاً من اقتصاد الميتا؟
لعل ما يشغل بالك الآن هو سؤال واحد: كيف يمكنني أن أكون جزءًا من اقتصاد الميتا؟ إن الأمر شبيه تماماً بالاقتصاد المادي أو الرقمي، باختصار: إما أن تخلق قيمة أو تشتري القيمة. إما أن تكون منشئاً أو مستهلكاً. ثمة وظائف وهنالك منتجات. حاليًا، تبلغ قيمة ما ينتجه أصحاب الوظائف القائمة في اقتصاد الميتا أكثر من 66.2 مليار دولار سنويًا. وتشمل الأدوار التي يقوم بها هؤلاء أشياء مألوفة ابتداء مما يقوم به “المؤثرون” وصولاً إلى المطورين الذين يساعدون في تنمية العوالم الرقمية. هناك أيضًا مجال متزايد للمبدعين الرقميين ومديري المجتمع الرقمي ولاعبي الرياضات الرقمية وحتى منسقي الفعاليات الرقمية.
أما بخصوص البضائع الرقمية الافتراضية التي يمكنك شراؤها في عالم الميتافيرس، فهي تتراوح بين الأصول الرقمية (NFTs) والعملات الرقمية المشفرة وصولاً إلى عناصر أكثر تخصصاً مثل الملابس الافتراضية والممتلكات والمقتنيات ذات العلامة التجارية. وفي الوقت الراهن تقوم ماركات الأزياء الشهيرة مثل أديداس وأندر أرمر ولوي فيتون بتجارب لإطلاق منتجاتها في عالم الميتافيرس.
ماذا تعني اقتصادات الميتا بالنسبة لدبي؟
قبل مناقشة الكيفية التي يمكن لدبي أن تشق طريقها في اقتصاد الميتا، من المهم الإشارة إلى أن الحكومات قد بدأت بالفعل في اقتحام عالم الميتافيرس. فقد أنشأت مدينة سيول تحالف ميتافيرس لدعم الابتكارات التي تنسجم مع التطور المتسارع في سوق الألعاب. وأعلنت مدينة تنسنت الصينية أنها سوف تنشئ ميتافيرس خاصاً بها ينسجم مع القوانين الصينية، أما باربادوس فذهبت أبعد من ذلك حيث أقامت سفارات لها في منصات مثل ديسنترلاند، وسوبر وورلد وسونميجوم سبيس.
وبالنسبة لدبي، يمكن العمل على مسارات للدخول إلى عالم اقتصاد الميتا:
العمل كبيئة ممكّنة لسلسلة القيمة الخاصة باقتصاد الميتا، من دون الدخول في الميتافيرس
اتباع مسار باربادوس وإقامة “ميتا دبي” في عالم رقمي قائم بالفعل
اختيار طريق التملّك وإقامة أرض رقمية تكون مملوكة حصرياً لدبي وتحاكي أصولها المادية
ربما تبدو اقتصادات الميتا والميتافيرس من الأمور العصية على الفهم بالنسبة لمن اعتادوا على إدارة أعمالهم في العالم المادي، لكن معظم المؤشرات والسلوكيات تظهر أن الشركات القديمة تستطيع أن تتبنى وتطور بسرعة الأعمال التي يمكن أن تكون مادية وافتراضية في آن معاً. وفي نهاية المطاف، إن لم يكن المستقبل افتراضيًا تماماً، فمن المؤكد أنه مزيج من الاثنين.