يواصل الاقتصاد التركي تحقيق النتائج الإيجابية والتي باتت تلفت أنظار المهتمين في هذا القطاع، سواء محللين اقتصاديين أتراك محليين أو دوليين، مشيرين إلى أن ما قبل عام 2020 ليس كما بعده.
والبداية كانت بالإصلاحات الاقتصادية التي أعلن عنها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نهاية العام الماضي 2020، والتي كانت حركة استباقية أنعشت الليرة التركية مقابل العملات الصعبة، انتقالا إلى الأرقام التي يحققها وحققها الاقتصاد التركي سواء منذ مطلع العام الجاري 2021، أو في العام 2021، وليس انتهاء يقطاع الصادرات التركية التي تصل إلى مختلف دول العالم.
ومن اللافت للانتباه منذ بداية 2021، هو سعر الصرف لليرة التركية الذي سجل أرقاما إيجابية جدا مقابل الدولار، إذ بات سعرها يتراوح بين 7.15 و7.20 ليرة اركية للدولار الواحد.
يضاف إلى كل ما سبق ذكره، انتعاش سوق العقارات وبشهادة هيئة الإحصاء التركية، التي تنشر بشكل دوري أرقاما إيجابية عن هذا القطاع، كات آخرها الحديث عن ارتفاع مبيعات العقارات في تركيا للأجانب في الفترة الممتدة من 2013 حتى 2020، لتخطى عتبة الـ 220 ألف وحدة سكنية.
وفي هذا الصدد رصدت “وكالة أنباء تركيا”، آراء عدد من المهتمين بسوق العقارات والشأن الاقتصادي وسعر الصرف في تركيا، للوقوف على أهم الأسباب والعوامل التي تقف وراء ذلك.
والبداية كانت مع رجل الأعمال العربي، رئيس مجلس إدارة شركة “عمران ترك” العقارية، عبد العزيز الكاشف، الذي قال، إن “تركيا حققت رقما قياسيا في مبيعات العقارات للأجانب عام 2020، محققة أعلى نسبة مبيعات للاجانب مقارنة بالأعوام السابقة، حيث سجلت مبيع 40812 عقارا، بالرغم من جائحة (كورونا)”.
وأضاف الكاشف أن “الاقتصاد التركي يتعافى بشكل جيد جداً من الهبوط الاقتصادي الحاد الذي سببته جائحة (كورونا)، والتي استهدفت كل دول العالم، فاستطاعت تركيا أن تتعافى من هذا الهبوط العام في اقتصاد البلاد الذي حصل في العام الماضي، لتتحسن الأمور الاقتصادية تدريجياً في بداية العام الجاري، بدءًا من ارتفاع عدد المبيعات في السوق العقاري للأجانب الذي تخطى التوقعات في العام الماضي والذي مازال مستمراً هذا العام، مما أدى إلى ارتفاع سعر صرف الليرة التركية، والذي من المتوقع هذا العام أن تنهض بشكل كبير أيضا”.
وأشار الكاشف إلى “الدعم الواضح من الرئيس التركي رجب طيب اردوغان للفريق الاقتصادي الجديد، واتباعه دبلوماسية جديدة أكد البنك المركزي أن نتائجها ستؤدي إلى انخفاض التضخم”.
وزاد قائلا “هذا التحسن الاقتصادي أيضاً ادى إلى ارتفاع حجم الصادرات التركية، التي حطمت رقماً قياسياً في الربع الاخير من العام الماضي ببلوغ 51.2مليار دولار، ويستمر هذا الإرتفاع رغم الانكماش الاقتصادي وتراجع الطلب والصناعة في الأسواق العالمية بسبب (كورونا)، مما يعتبر نجاح كبير للصادرات التركية الذي سينعكس بشكل إيجابي كبير على إقتصاد البلاد”.
وختم الكاشف قائلا “نحن سعداء بارتفاع المؤشرات الاقتصادية التي أدت إلى تحسن كبير في أسعار مبيع العقارات، ونتوقع أن يستمر هذا الارتفاع في العام الجاري أيضا”.
وتشير أحدث التحليلات الدولية إلى أن تركيا ودولة أخرى هي الصين فقط، تمكنتا من تجاوز عام 2020، بتحقيق نمو اقتصادي إيجابي على صعيد دول مجموعة العشرين، وذلك بشهادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي التركي محمد قدو أفندي أوغلو، إنه “في تركيا كل شيء مخطط له، فهناك تخطيط استراتيجي على المدى الطويل يظهر تأثيره تباعا وبصورة متوازية مع تقدم عام لكل القطاعات”.
وأضاف أن “هناك تخطيط آني يستمد قوته من الآثار الإيجابية للخطط الطويلة المدى، إضافة إلى قدرة الاقتصاد على تجاوز المحن التي تخلفها بعض الأمور الطارئة مثل جائحة (كورونا) العالمية”.
وتابع أن “الأخبار المفرحة التي تتوالى عن الاقتصاد التركي تشمل عدة أوجه تعبر بصورة مباشرة عن جدية الإدارات والمؤسسات الحكومية للحيلولة دون تردي الوضع الاقتصادي، بل إن محاولات تلك المؤسسات ساهمت بشكل كبير في في دفع عجلة النمو والاستقرار الاقتصادي نحو الأفضل”.
وأوضح قائلا “بداية أصبح التحسن في سعر صرف الليرة التركية معيار حقيقي على قوة الاقتصاد التركي، كما أن زيادة الصادرات التركية انعكست أيضا على استقرار الليرة التركية حيث ازدادت مدخولات العملة الصعبة في البنوك التركية”.
وأشار إلى أن “هذا التحسن في سعر صرف الليرة التركي بالنسبة لباقي العملات الأجنبية، و تزايد واردات العملة الصعبة نتيجة لزيادة الصادرات، أثّرت مباشرة على باقي القطاعات، حيث انتعشت أسواق العقارات وحركتها وأصبح هناك إقبال متزايد على شراء العقارات وغيرها”.
وأعرب عن اعتقاده أن “الكثير من القطاعات في تركيا ستشهد نشاطا واسعا وازدهارا، وخصوصا في ظل تراجع قوة جائحة (كورونا) نتيجة نجاح المؤسسات الصحية المعنية في احتواء هذه الأزمة”.
وحقق الاقتصاد التركي البالغ حجمه أكثر من 740 مليار دولار، أداءً أفضل من أقرانه في مجموعة دول العشرين خلال العام 2020، وذلك بفضل سياسات الحكومة التركية في تشجيع الاستثمار ودعم العمال المتضررين من “كورونا”، إضافة إلى تخفيض أسعار الفائدة والإنفاق المالي والائتمان.
وفي السياق ذاته، قال الخبير الاقتصادي، الدكتور محمد حاج بكري، إنه “من الواضح أن التغييرات التي حدثت على مستوى وزارة الماليه والبنك المركزي باتت تؤتي نتائج إيجابيه على مستوى الاقتصاد بشكل عام، وعلى الأخص بتحسن سعر صرف الليرة التركيه”.
وأشار إلى أن “التعهدات التي التزم بها المصرف المركزي بتحجيم التضخم وزيادة الاحتياطي النقدي تم تنفيذ جزء منها، وبدأت ثقة المستثمرين تعود تدريجيا وهو نقله نوعيه في ظل الظروف الحاليه وخاصة (كورونا) ونتائجه على الاقتصاد العالمي”.
ورأى أن “ارتفاع سعر الفائدة والتطمينات بعدم تخفيضه، وقدرة البنك المركزي على رفع الاحتياطي النقدي، كان لها دور كبير في تحسن سعر الصرف، بالإضافه إلى الموقف المتشدد للبنك المركزي تجاه الأسواق وتقديراته لموضوع الليرة، كان مميزا وخاصة توقع انخفاض العجز في الحساب التجاري لعام 2021، وبالتالي انخفاض الحاجة للعملة الأجنبية، مما يعزز الثقه بالليرة التركية
ويحسب للبنك المركزي أهم عامل هو القدرة على قراءة المستقبل”.
وختم قائلا إن “الاحتمال الكبر في حال عدم وجود هزات سياسيه مفاجئة، هو زيادة التحسن في سعر صرف الليرة، وذلك لعوامل مهمه تعطي نتائجها تدريجيا، منها أن سعر الفائدة الحالي متوافق مع متطلبات السوق وتغير وجهة نظر المستثمرين وصناع القرار الاقتصادي، بحيث أصبحت أكثر أيجابيه ومرونة، وأن المركزي حقق آمال السوق وحسّن من وضع ميزان المدفوعات”.
وكان ما أكده الرئيس أردوغان، في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، أن “تركيا دخلت مرحلة الازدهار وستتجاوز كل الصعوبات في العام 2021″، أكبر مؤشر على بدء انتعاش الاقتصاد التركي والدخول في طريق النجاح والتعافي الذي لا عودة منه، حسب مراقبين اقتصاديين.
ا