ن المعروف أن الأخلاق عند الفلاسفة ظلت على مر العصور علم معياري يحدد سلوك الفرد الفاضل و يشرح و يوضح ما الذي ينبغي أن يكون عليه،فهي تعمل على فتح الطريق أمام الإنسان لكي يصل إلى القيم و المبادئ السامية و يكون صاحب وعي و فكر قويم يمكنه من التصرف الصحيح فيما يصدر عنه من أفعال،و مهمة الفيلسوف الأخلاقي الأخذ بيد الإنسان للوصول للمثل العليا و القيم الإنسانية و يعمل على تحقيقها..
و ذلك لأن الإنسان هو الكائن الوحيد في هذه الحياة ذو قدرة على تحقيق القيم و المبادئ العليا،و ذلك لأنه يملك من الإرادة و الإختيار ما يجعله يتسامى إلى مستوى السلوك الأخلاقي و يتجاوز الغرائز و الرذائل.
إذاً هو علم يوضح معاني الخير و الشر و يبين ما ينبغي أن تكون عليه معاملة الناس بعضهم البعض ،و ما هي الغاية التي ينبغي أن يقصدها الناس في أعمالهم ،فهو علم يحكم على أعمال الناس هل هي خير؟أم شر؟.
فهو يدور حول الأعمال التي تصدر عن الإنسان بطريق الإرادة و الإختيار و ما لا دخل للإنسان فيه فلا نسأل عنه،فمتى وجدت الإرادة وجدت المسئولية الأخلاقية،و لكن لابد من مراعاة معرفة الغرض من العمل عند الحكم ،ولا يكون إعتمادنا الأساسي رؤية النتيجة.فالعمل الذي أراد به الشخص خير فهو خير مهما كانت النتائج،و العمل الذي أراد به الشخص الشر فهو شر مهما كانت النتائج.
banner
كما أنه لابد من لفت النظر إلى نقطة هامة و هي: لكي يصبح الإنسان أخلاقي لابد أن يفعل الخير و هو قادر على فعل الشر ،لأن هذا هو الذي يجعل الفعل أخلاقي،فإلانسان يكون فاضلاً إذا أتيحت له فرصة إرتكاب الخطيئة و لكنه ترك هذا الفعل بناءً على ضمير أخلاقي داخله يقول له أفعل الخير ولا تفعل الشر..
و بعد هذا العرض المبسط لمعرفة علم الأخلاق و فلسفة الأخلاق،نتطرق الآن لعرض قضية الخير و الشر ..
الخير و الشر:
كيف يمكن لنا أن نحكم على هذا الفعل كونه خيراً أو شراً؟ إن الحكم على العمل الصادر من الإنسان كونه خير أو شر يتوقف على عدة عوامل مرت بالتدريج من العرف و الرأي الشخصي و الوجدان و العقل و الإستدلال ،و كل هذه المراحل كانت تندرج مرحلة مرحلة إلى أن وصلت لمرحلة العقل و الإستدلال و أصبح الخير و الشر ينبني على أسس عالمية تصلح لكل أمة و عصر..
كما أن بعض مذاهب الفلاسفة تقول بأن العمل و الحكم عليه بكونه خيراً و شراً يكون من خلال النتائج،فالعمل الذي ترجح لذائذه آلامه خير،و الذي ترجح آلامه لذائذه شر ،و الذي تتساوى فيه آلامه و لذائذه فلا خير ولا شر.
و البعض الآخر يرى أن هناك أعمال خير في ذاتها و هي يمكن تسميتها فضائل،و هناك أشياء شر في ذاتها و يمكن تسميتها رذائل ،إذاً الفضائل و الرذائل حكماً مطلقاً مهما كانت النتائج.
فالحدسيون يرون ان الخير و الشر قوانين مطلقة تخضع لكل زمان و مكان،و المقياس ثابت لا يتغير مهما تغيرت الظروف و الأحوال.
و الغائيون يقولون الخير و الشر مجرد أفكار نتجت من تجارب البشر على مر العصور و تختلف بإختلاف المعيشة و الظروف التي يعيشها البشر.
لكن الصحيح و المعروف هو أن الخير واضح و ثابت مهما مر العصور،و الشر واضح و ثابت مهما مر العصور فالفضائل و العدل و المساواة و التعاون خير،و الرذائل و الظلم و الجور شر مهما مر العصور..