من أصعب السنوات، نتيجة تكالب الظروف السيئة، بدايةً من الغزو الروسي لأوكرانيا، وعمليات الإغلاق في الصين المرتبطة بفيروس كورونا، وصولاً إلى أزمة سوق العقارات، وتشديد الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، ما أدى بسبب كل هذه العوامل مجتمعة إلى انخفاض النمو العالمي هذا العام إلى 3.1%، وهو ما يقل كثيراً عن توقعات التعافي التي رسمها الاقتصاديون في بداية 2022، ليكون النمو عند 4.7%. فهل يمكن أن يكون عام 2023 أسوأ؟

 

الإجابة نعم بكل تأكيد. وفقا لتحليل Bloomberg Economics فإن السيناريو الافتراضي للنمو العالمي في عام 2023 من المتوقع أن يكون عند 2.4%. وهو رقم رغم ضعفه، إلا أنه قد يصبح بعيد المنال بسبب أزمة طاقة أعمق في أوروبا، أو ركود سابق وأكثر إيلاماً في الولايات المتحدة، أو المزيد من القيود الوبائية والانحدار غير المنضبط في العقارات في الصين.

 

وبالاعتماد على سيناريوهات من فرق بلومبرغ إيكونوميكس القٌطرية وباستخدام مجموعة من النماذج لحساب التداعيات على عدد من البلدان، يشير سيناريو الجانب السلبي، إلى أنه يمكن أن ينكمش النمو العالمي في عام 2023 إلى -0.5%، وهو ما سيمحو أكثر من 5 تريليونات دولار من الدخل العالمي، مقارنة بالتوقعات في بداية 2022.

هل تكبح مخزونات الغاز في ألمانيا انقطاع الكهرباء خلال الشتاء؟

قصص اقتصادية

خاص هل تكبح مخزونات الغاز في ألمانيا انقطاع الكهرباء خلال الشتاء؟

أين هو أدنى مستوى للنمو العالمي؟

 

ليس من المستغرب بالطبع أن تصل محاولة تستهدف الوصول إلى تقديرات سيناريو الأزمة العالمي إلى رقم كبير بالسالب. ومع ذلك، يشير تحليل “بلومبرغ” إلى مدى سهولة التدهور نتيجة العام المقبل إلى ما دون التوقعات الباهتة بالفعل، هذا علاوة على بلوغ حد التأثير الأقصى إذا تضافرت الصدمات السلبية وتفاقمت.

 

في الولايات المتحدة، يتمثل السيناريو الافتراضي في أن سوق العمل لديه قوة كافية وقوة إنفاق كافية للأسر لمواصلة النمو حتى النصف الثاني من عام 2023. وهذا يضع النمو في عام 2022 عند 1.8% وفي 2023 عند 0.7%. لكن الأمر قد يكون أسوأ. ففي حال أدى التصحيح الحاد في سوق الإسكان – في ظل تأثيرات غير مباشرة على النظام المالي – عن ركود يحدث بطريقة أسرع في 2022، فإن ذلك سيخصم نسبة كبيرة من النمو.

 

وفي منطقة اليورو، تفترض “بلومبرغ” أن الشتاء البارد الموسمي، وتقاسم الغاز بين الدول، والدعم الكبير للأعمال التجارية والأسر سوف يسمح للاقتصاد بتجاوز أزمة الطاقة مع ركود سطحي. وتشير التوقعات إلى أنه في السيناريو الأساسي للنمو في عام 2022 بنسبة 3.1% وبنسبة -0.1% في 2023. أما إذا كانت درجات الحرارة شديدة البرودة والإخفاقات الشديدة في السياسة فإن ذلك، يمكن أن يخصم 0.8 نقطة مئوية هذا العام و3.3 نقطة مئويةفي 2023، ما يدفع الكتلة إلى ركود عميق، وفقاً لما اطلعت عليه “العربية.نت”.

 

وفي الصين، تفترض توقعات “بلومبرغ” الأساسية أن الحكومة تدير إنهاءً سلساً من سياسة صفر كوفيد وتتجنب الانهيار الكارثي للعقارات. وهذا يضع النمو عند 3.2% في عام 2022 و5.7% في عام 2023، مع نهاية ضوابط كوفيد-19 وهو ما سيساعد في حدوث طفرة فر الرقم الخاص بعام 2023. فيما يمكن للأمور أن تنحرف بسهولة عن المسار الصحيح. وقد يؤدي المزيد من عمليات الإغلاق في المدن الكبرى، أو التباطؤ الأكثر من المتوقع في سوق الإسكان، إلى تقليص النمو بمقدار 3.5 نقطة مئوية في عام 2023.

 

بالنظر إلى تلك الصدمات بمعزل عن غيرها، ستكون بالفعل سيئة بما فيه الكفاية. لكن عندما تتعثر الاقتصادات الكبرى، لا تنحصر التأثيرات داخل حدودها. إذ إن الآثار غير المباشرة للتجارة والتمويل وأسعار السلع الأساسية تعني أن الصدمات في الولايات المتحدة ومنطقة اليورو والصين تنتشر في جميع أنحاء العالم.

 

بالنسبة للعديد من الأسواق الناشئة – التي تقدم فاتورة بصادراتها وتفي باحتياجاتها التمويلية بالدولار – فإن خطر صعود العملة الأميركية يزيد من الضغط عليها.

تصادم الأزمات من شأنه أن يعرقل النمو

 

استنادا إلى مجموعة من نماذج الاقتصاد الكلي، قدرت بلومبرغ إيكونوميكس التأثير الكلي إذا ساءت كل الأمور في نفس الوقت.

 

بالنسبة للولايات المتحدة، فقد يؤدى مزيج من الضربات المحلية مع تشديد بنك الاحتياطي الفيدرالي السياسة النقدية والآثار غير المباشرة لركود اقتصادي أعمق في أوروبا وهبوط شديد لاقتصاد الصين، إلى انكماش معدل النمو في عام 2023 إلى -1.8%.

 

وفي منطقة اليورو خلال 2023، قد ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.1%. أما بالنسبة للصين، فإن آمال التعافي في العام المقبل محبطة، إذ قد يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.1% فقط.

 

وقدّرت النماذج التي استخدمتها “بلومبرغ” التأثيرات على الأسواق الناشئة الرئيسية، بما في ذلك التأثيرات السلبية لزيادة قوة الدولار الأميركي. تبرز تركيا والبرازيل على أنهما الأشد خسارة بين الأسواق الناشئة.

 

من المفترض أن يكون التضخم المنخفض بمثابة الجانب المشرق من ضعف النمو، وهذا ما يقترحه نموذج بلومبرغ. على صعيد الولايات المتحدة كمثال، تُظهر النتائج انخفاض التضخم بمقدار 0.7 نقطة مئوية في نهاية عام 2023، وهو ما يكفي لإبعاد العديد من زيادات أسعار الفائدة الفيدرالية عن الطاولة. ولكن لسوء الحظ فإن هذا الأمر ليس سهلا.

 

فمع افتراض سيناريو الاتجاه الهبوطي لأوروبا بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، وبالتالي فإن التأثير العام سيتمثل في انخفاض النمو وارتفاع التضخم.

سناريو أكثر إشراقا

 

وبالرغم من كل التوقعات القاتمة، من الممكن أيضاً ، وضع سيناريو صعودي. إذ قد يؤدي إنهاء الصراع في أوكرانيا أو شتاء دافئ استثنائي إلى تجنيب أوروبا الركود. فيما قد تنهي الصين عمليات الإغلاق المرتبطة بكوفيد في وقت أبكر أو تضيف المزيد من الحوافز لتعويض انهيار سوق العقارات أكثر مما هو متوقع.

 

وقد تتمكن أسواق العمل في الولايات المتحدة من تحقيق انحسار التضخم الذي يأمله بنك الاحتياطي الفيدرالي. وقد يؤدي مزيج من هذه المفاجآت الإيجابية إلى تشجيع الأسواق ورفع معدل النمو العالمي للسنة بما يفوق التوقعات.

 

ومع ذلك، فإن الحالة الأساسية هي أن يكون 2023 عاماً من النمو الضعيف والأسعار المرتفعة الضاغطة. والدرس المستفاد من السنوات القليلة الماضية هو أن الأمور يمكن أن تسوء دائماً.

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG