تُعرّف منظمة الصحة العالمية (WHO) الصحة الإلكترونية على أنها استعمال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (ICT) من أجل الصحة. وتشتمل الصحة الرقمية على الصحة الإلكترونية والصحة المتنقلة والطب عن بُعد، في الاستعمال واسع النطاق للتكنولوجيات الرقمية للرعاية الصحية والأغراض المتعلقة بالصحة في مجموعة واسعة من البيئات، داخل وخارج بيئات الرعاية الصحية.
أدى الابتكار التكنولوجي والروبوتات وإنترنت الأشياء (IoT) إلى تزايد استعمال الأجهزة الرقمية المختلفة من قبل المتخصصين في الرعاية الصحية والعاملين في المستشفيات والعيادات. وقد حولت وسهلت السجلات الصحية الإلكترونية (EHR) علاج العديد من فئات المرضى. وهناك مجموعة متزايدة باستمرار من البيانات الرقمية المتعلقة بعلاج الرعاية الصحية وبالمرضى.
بالنظر إلى تزايد انتشار الأجهزة، يمكن أن تشكل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات جزءاً رئيسياً من استراتيجيات العلاج والوقاية الصحية. وعلى سبيل المثال، يمكن أن تؤدي الأجهزة القابلة للارتداء وأجهزة اللياقة البدنية الآن دوراً رئيسياً في المراقبة والوقاية.
يقر الاتحاد الدولي للاتصالات بالأهمية القصوى لامتلاك حلول لاسلكية موثوقة لخدمات الصحة الرقمية، ولا سيما في المناطق التي لا تتوفر فيها وصلات سلكية/ألياف. ولدى الاتحاد مجموعة واسعة من الأعمال المتعلقة بالصحة الرقمية، بما في ذلك بعض معايير الصحة الإلكترونية ومجموعات أدوات السياسات وبرامج عملية على أرض الواقع. ويساهم عمل الاتحاد الرامي إلى تعزيز الصحة الرقمية في تحقيق هدف التنمية المستدامة 3.
الفرص التي تتيحها الصحة الرقمية
تتمتع أنظمة الصحة الرقمية بالقدرة على إحداث تحول جذري في الرعاية الصحية وتُمكّن المرضى ومقدمي الرعاية الصحية والمديرين وواضعي السياسات بالمعلومات والأدوات التي يحتاجون إليها لإدارة وتعزيز الأنظمة الصحية وتقديم رعاية أفضل وتحسين العلاجات ومعدلات البقاء على قيد الحياة. ويمكن أن توسع هذه الأنظمة إمكانية الحصول على الرعاية الصحية عالية الجودة وأن تحسّن الوقاية ونتائج المرضى، بما في ذلك للمرضى الذين يعانون من أمراض مزمنة مثل الأمراض غير المعدية (NCD).
وتوفر الصحة الرقمية فوائد وفرصاً مهمة من حيث:
1- تحسين الصحة العامة ومؤسسات الرعاية الصحية على سبيل المثال ما يتعلق بإجراءات المستشفيات والسجلات الصحية الإلكترونية (EHR) والمعلومات الصحية. ويمكن تحسين الحصول على الرعاية الجيدة من خلال التقاسم السريع للمعلومات والبيانات بين مقدمي الرعاية والأخصائيين في مؤسسات الرعاية الصحية؛
2- دعم الأطباء: تحسين الإجراءات/العمليات الجراحية أو المشورة، بما في ذلك الجراحة عن بُعد. ويتيح استعمال تكنولوجيات الصحة الرقمية لمجموعة من العيادات الصحية النائية أو الساتلية استعمال هذه التكنولوجيات وتطبيقها للتشخيص عن بُعد والطب عن بُعد. وعلى سبيل المثال، أجرت المستشفيات في الصين عمليات جراحية عن بُعد مكّنتها تكنولوجيا الجيل الخامس مثل عمليات الكبد وزرع عوامل التحفيز العميق للدماغ ضد مرض الشلل الرعاش.
3- الصحة الشخصية والأجهزة المخصصة (أجهزة الاستشعار والشاشات وساعات اليد والهواتف المتنقلة) لأغراض المراقبة والتغذية الراجعة. واستُعملت الهواتف المتنقلة لالتقاط صور بالموجات فوق الصوتية عن بُعد لحصوات الكلى أو الحمل، وكذلك إجراء اختبارات المسحة. كما تطورت التطبيقات الطبية بسرعة. وكان هناك حوالي 325000 تطبيق من تطبيقات الصحة المتنقلة في جميع أنحاء العالم بحلول عام 2017، مما يمثل زيادة بنسبة 25 في المائة على أساس سنوي مقارنة بعام 2016.
4- تمكين عمليات التحليل والتنبؤ المحسّنة والأكثر دقة لمجموعات البيانات الصحية، بما في ذلك من خلال الذكاء الاصطناعي أو البيانات الضخمة أو عمليات المحاكاة باستعمال الواقع الافتراضي. ويمكن تجميع البيانات من الأجهزة الإلكترونية وأجهزة الاستشعار، مما يتيح التصوير والتشخيص وتحليلات البيانات من خلال الحوسبة عند الحافة.
وتزيد القدرة على تسجيل البيانات عند نقطة الرعاية والتقاط الصور التي يمكن تحليلها باستعمال الذكاء الاصطناعي أو بواسطة خبراء عن بُعد بعيداً عن نقطة الرعاية، من إمكانية تقديم الرعاية الصحية الشاملة (UHC) عبر طيف من تخصصات الرعاية الصحية. ويمكن أيضاً الاستفادة من بيانات الرعاية الصحية لتوفير رعاية وقائية مستهدفة لمجتمع محلي. وتعترف الحكومات بشكل متزايد بإمكانات الصحة الرقمية – وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، كان حوالي 120 بلداً قد صاغ استراتيجيات في مجالات الصحة الرقمية أو الصحة عن بُعد أو الصحة الإلكترونية بحلول منتصف عام 2018.
تحديات ومخاطر الصحة الرقمية
إن المستشفيات مؤسسات معقدة بشكل لا يصدق، إذ تجمع المعرفة الطبية المعقدة والخبرة مع إجراءات التمريض الأساسية والمتقدمة. وغالباً ما تنشئ المستشفيات الكبيرة نظمها الإيكولوجية في جميع أنحاء منطقة ما، مع مجموعة كاملة أخرى من الوظائف والشركات المحيطة بها (مثل التصوير والوظائف المختبرية والتحليل والعلاج ودور الرعاية). وغالباً ما يترتب على إدخال تكنولوجيات جديدة أو معقدة إجراءات متابعة كبيرة من حيث تكييف الشؤون المتعلقة بالعمالة والتدريب والتوظيف. ويمكن أن تضخ مؤسسات الرعاية الصحية استثمارات كبيرة في مجال الصحة الرقمية، ولكنها قد لا تحقق الفوائد بشكل كامل، إذا فشلت الأنظمة والعمليات الأخرى في التكيف.
غير أن هناك مفاضلات مهمة مصاحبة للإمكانات التي تتيحها الصحة الرقمية فيما يتعلق بخصوصية وسرية بيانات المرضى والسجلات الصحية الوطنية. كما أن الجمع بين تحليل الحمض النووي والجينوم يعني أنه يمكن تحديد مواطن الضعف البيولوجية لمجموعات سكانية معينة، ومن الممكن الآن التنبؤ بصحة مجتمع ما أو أمة ما في المستقبل وتوقعها من المعلومات والسجلات الصحية والوراثية الحالية. ويجب التغلب على التحدي المتمثل في الوصول إلى مجموعات بيانات نظيفة وكاملة، كما أن مسألة سرية النتائج عند جمع وتخزين البيانات والمسائل المتعلقة بموافقة المرضى يجب تناولها بعناية.
ويكتسب تنظيم البيانات والأجهزة أهمية متزايدة أيضاً. فعلى سبيل المثال، يعترف تقرير صادر عن لجنة النطاق العريض التابعة للأمم المتحدة بثلاثة أنواع مختلفة على الأقل من لوائح الصحة الرقمية (الشكل).