نما تشهد الدول المجاورة للكويت طفرات يومية ناجحة ومتسارعة في مجال السياحة والترفيه، وتحولت مدنها إلى وجهات تنافس على صدارة المشهد السياحي العالمي، فلا تزال الكويت غائبة تماماً عن المنافسة في مضمار السياحة.

 

وشكل إعلان دبي أخيراً عن نجاحها في جذب 3 ملايين سائح خلال شهري يناير وفبراير الماضيين فقط مثالاً على هذا النجاح، لا سيما إذا عرفنا أن الكويت احتلت المرتبة العاشرة في عدد السياح الزائرين إلى دبي بحصة بلغت 71 ألف سائح.

 

وفي الوقت الذي يرى فيه المواطن الكويتي يومياً الكثير من الفعاليات العالمية التي تستضيفها كل من الإمارات والسعودية وقطر، بات يوجعه التساؤل عن المطلوب لكي يرى الكويت وجهة لمثل هذه الفعاليات التي تعد من أهم طرق الجذب السياحي عالمياً.

 

ويجمع العديد من المختصين والكتّاب والمهتمين بملف السياحة في البلاد على ضرورة التحرك السريع للحاق بالركب، باعتبار أن السياحة باتت صناعة قائمة بحد ذاتها ورافداً اقتصادياً مهماً للدخل العام يمكن من خلاله جذب ملايين الاستثمارات الخارجية، وتوفير آلاف فرص العمل أمام الكوادر الوطنية.

 

وقالوا لـ القبس إن النهوض بالسياحة سيوفر مئات الملايين من الدنانير التي ينفقها المواطنون سنوياً على السياحة خارج الكويت، هرباً من واقع محلي يفتقر لأبسط وسائل الترفيه التي تبحث عنها ملايين الأسر من المواطنين والمقيمين الذين يقضون جل وقتهم حبيسي جدران منازلهم أو داخل المولات في وقت يندر فيه وجود المساحات الترفيهية المفتوحة.

 

ومع اقتراب عطلة عيد الفطر، وتضاعف حجوزات السفر من أجل قضائها خارج الكويت من قبل آلاف المواطنين والمقيمين، أكد المختصون أن محدودية أماكن الترفيه في البلاد، وبقاء الخطط السياحية حبيسة الأدراج، من أسباب دفع الناس للبحث عن الترفيه بالخارج.

 

وذكروا أن ملف السياحة في البلاد يحتاج إلى إعادة نظر جذرية تبدأ بإنشاء جهة تعنى بالسياحة، وتطوير التشريعات اللازمة لتنشيط المجال الساحي، فضلاً عن تطوير الخدمات الأساسية، والبنى التحية الخدماتية، وإنشاء مناطق سياحية جديدة وجاذبة.

 

الربيعان: لا قانون ينظم العمل السياحي

 

 

يرى المستشار في ريادة الأعمال والتواصل الحكومي سعد الربيعان أن السياحة في الكويت تحتاج إلى عمل جاد يبدأ بالبنية التشريعية، إذ لا يوجد حتى الآن قانون ينظم العمل السياحي، كما لا توجد جهة مستقلة مخولة بأمر السياحة التي يقتصر وضعها على وجود قطاع كان ملحقاً في السابق بوزارة التجارة، وحالياً يتبع وزارة الإعلام، وهو يضم فريق عمل محدود العمل يقوم بجهود كبيرة، ولكن ينقصه تسخير الإمكانات والموارد.

 

ويضيف الربيعان أن السياحة مصدر دخل تعتمد عليه الدول، وتعد صناعة قائمة بذاتها لها أسس وقواعد، بينما ينظر إليها في الكويت نظرة هامشية، ويتطلب النهوض بهذا القطاع إدراك الهوية السياحية للكويت بداية، فكل بلد يختار هوية سياحية خاصة به، والمثال على ذلك قطر التي أدركت أن هويتها السياحية تقوم على صناعة الرياضة كوسيلة من وسائل الجذب. لذا، بدأت منذ سنوات في التخطيط من خلال إنشاء قنوات رياضية متميزة، واستضافة فعاليات قارية، وصولاً لاستضافة كأس العالم.

 

ويشير الربيعان إلى أن الكويت عرفت طوال تاريخها بالسياحة الثقافية القائمة على المتاحف والأنشطة الفنية من دراما وأعمال مسرحية ومهرجانات ثقافية، وكذلك سياحة المأكولات من خلال مطاعمها ذات الطابع التراثي التي جذبت الآلاف من الخليجيين.

 

المطيري: «السياحة» تحتاج هيئة للنهوض بها

 

 

يرى رئيس الاتحاد الكويتي للسياحة والسفر محمد لافي المطيري أن السبب المباشر لتراجع السياحة في الكويت يعود لحالة عدم الاستقرار السياسي التي عاشتها البلاد في السنوات الأخيرة، وتراجع مستوى الخدمات والبنية التحتية مما جعل الحديث عن النهوض بالسياحة نوعا من الترف، على خلاف ما يجب أن يكون عليه الأمر على أرض الواقع.

 

ويضيف المطيري أن المواطن اليوم مشغول بالأمور الحياتية كالمطالبة بالنهوض بالبنية التحتية كعلاج مشكلات الطرق والنهوض بمستوى التعليم المتردي، وغيرها من القضايا، أما على مستوى السياحة فإن التغيير الذي يتم على مستوى الحكومات خلال فترات متقاربة لم يجعل بالامكان النهوض بهذا القطاع أو وضع خطط يمكن من خلالها صناعة الفارق كما نرى في دول الجوار. ويشير إلى أن السياحة تحتاج اليوم إلى وجود وزارة أو هيئة خاصة بها، لاسيما أنها أصبحت صناعة تجذب الاستثمارات وتوفر فرص عمل كما نرى في الامارات والسعودية وقطر وغيرها من الدول.

 

العنجري: نحن غائبون عن منظومة السياحة

 

 

أوضحت الوكيل المساعد الأسبق لقطاع السياحة في وزارة الإعلام نبيلة العنجري أن واقع السياحة في المنطقة تغير بشدة خلال السنوات الأخيرة، ففي حين تراجع مؤشر الجذب السياحي لبعض البلدان مثل سوريا ولبنان واليمن، بسبب الأوضاع الداخلية فيها، لمع نجم بلدان أخرى وزادت حصتها السياحية كمصر والسعودية والامارات والبحرين وعمان وقطر وهي دول تمتلك اليوم منظومة سياحية متكاملة.

 

وأضافت العنجري: هذه الدول تجيد استثمار الفعاليات التي تقام على أرضها، ويستمر ذلك بعد انتهاء تلك الفعاليات، وعلى سبيل المثال حين انتهى «أكسبو دبي» تواصل استثمار الحدث عالميا كما تمت الاستفادة من البنية التحتية الخاصة به في مشاريع سياحية أخرى جديدة.

 

وأشارت إلى أن كل دولة من دول الخليج تحديدا أصبحت لديها رؤية تحاول من خلالها أن تكون جزءا من منظومة السياحة الخليجية، بينما الكويت غائبة تماما عن كل هذه الأنشطة سواء الرياضية أو السياحية أو المعارض أو سياحة المؤتمرات.

 

ولفتت إلى أن الكويت لم يعقد على أرضها خلال السنوات الخمس الأخيرة مؤتمر واحد كما كان يعقد في السنوات العشر السابقة على هذه الفترة.

 

وختمت العنجري بالقول: هذا الانقطاع عن المشهد السياحي للكويت سيؤثر سلبًا على مكانة الكويت الاقتصادية كبيئة جاذبة للاستثمار، بل الأكثر انها أصبحت طاردة للاستثمارات المحلية إذ لا يخفى على أحد أن السياحة قاطرة لأكثر من ٣٥ قطاعا اقتصاديا تتحرك متى ما قامت السياحة.

 

المعجل: الكويت حاضنة للسياحة التنويرية

 

 

تؤكد الكاتبة سعاد المعجل أن السياحة باتت في العالم كله مشروعاً استثمارياً يدر على دوله مداخيل جيدة، قد تفوق أحياناً المدخول الذي توفره الثروات الطبيعية.

 

وتضيف: «بالنسبة لدول الخليج، أصبح مجال السياحة يشكل تحدياً في ظل غياب مقومات الجذب الاعتيادية من جبال وأنهار وطبيعة»، مشيرة إلى أن دبي على سبيل المثال استطاعت أن تخترق هذا النمط وتطلق مشروعاً سياحياً مختلفاً، نجح في استقطاب ملايين السياح، كما أن المملكة العربية السعودية بدأت كذلك مشروعاً مشابهاً، بينما اجتازت قطر هذه العقبة نسبياً من خلال استضافتها لكأس العالم أخيراً. وتقول المعجل: بالنسبة للكويت، فهي كدولة تستطيع أن تعيد مقومات الجذب السياحي الذي طالما تميزت به، حيث كانت حاضنة لسياحة تنويرية وثقافية وفنية استقطبت رموزاً إعلامية وفنية مع الجماهير المتابعة بالطبع.

 

وضربت المعجل مثالاً بمواسم الانتخابات في الكويت التي تنشط فيها ما يطلق عليه السياحة السياسية، حيث تكتظ مقار الناخبين بالحضور من دول عدة لمتابعة الشأن السياسي، إضافة إلى المتابعة المتواصلة وعن قرب لعملية الانتخابات.

 

وبحسب المعجل، فإن لكل دولة مقوماتها التي يمكن استثمارها سياحياً، والكويت التي كانت دائماً شمعة التنوير في المنطقة بإمكانها اليوم استحضار روح التنوير تلك وتحويلها إلى مادة لاستقطاب السياح، ولا ننكر هنا أهمية المهرجانات والاحتفالات والأماكن الترفيهية، وبكونها مواد جاذبة، وبالإمكان أن تكون داعمة للسياحة التنويرية، لافتة إلى أن ما تقوم به جمعية «لوياك» يعد مثالاً جيداً بعدما أثبتت أن في الكويت طاقات قادرة على المزج بين التنوير والترفيه.الس

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG