القاهرة، مصر (CNN)– بدأت مصر أولى خطوات جذب الشركات الناشئة، للتوسع وزيادة حجم أعمالها من خلال سوق المال، عبر الترخيص لشركات رأس المال المخاطر- لأول مرة في مصر-بمزاولة نشاط الشركات ذات غرض الاستحواذ المعروف باسم “الشيك على بياض”، وأكد خبراء بالبورصة، أهمية القرار في تشجيع البحث عن الشركات الناشئة وتقديم الدعم المالي والفني للتوسع والنمو، وفي الوقت نفسه جذب استثمارات أجنبية وتنويع الخيارات الاستثمارية أمام جميع فئات المستثمرين.
وأصدرت الهيئة العامة للرقابة المالية، قرارا رقم 164 لسنة 2021، بشأن الترخيص لشركات رأس المال المخاطر، بمزاولة نشاط الشركات ذات غرض الاستحواذ، وأرجعت سبب القرار إلى مبادرة لإتاحة وسائل تمويل متعددة أمام الشركات الناشئة من جهة وبصفة خاصة في مجال التكنولوجيا والتقنيات الرقمية، عن طريق تأسيس شركة لهذا الغرض يتم قيد أسهمها بالبورصة، ويكون هدفها الاستحواذ أو إدماج الشركات المستهدفة على أن يتم إتاحة أسهم الشركة للتداول.
وقال محمد كمال عضو مجلس إدارة شعبة الأوراق المالية باتحاد الغرف التجارية، إن الترخيص لشركات رأس المال المخاطر، بمزاولة نشاط الشركات ذات غرض الاستحواذ المعروف باسم “الشيك على بياض”، جاء ضمن خطة الحكومة المصرية لتجنب تكرار سيناريو شركة سويفل، والتي أسسها شاب مصري وتوسعت حجم أعمالها في دول عديدة، واختارت الطرح ببورصة ناسداك الأمريكية، للاستفادة من نشاط الشيك على بياض لتمويل توسعاتها لعدم توافر هذه الآلية في سوق المال المصري، والذي لم يستفاد من هذا الطرح الضخم.
وأثار إدراج شركة سويڤل -المتخصصة في النقل التشاركي- ببورصة ناسداك، من خلال الاندماج مع شركة استحواذ أمريكية، الاهتمام بالشركات الناشئة، إذ أسس سويفل الشاب المصري مصطفى قنديل مع زملائه في مصر عام 2017 عندما كان عمره 24 عاما فقط، ونجحت في أن تكون رائدة في قطاع النقل الجماعي من خلال التواجد في 10 مدن في كل من دول مصر والمملكة العربية السعودية وكينيا وباكستان والإمارات العربية المتحدة والأردن في غضون 4 سنوات فقط، وهو ما دفع الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، للقاء الرئيس التنفيذي لشركة سويفل مصطفى قنديل، يوم 10 أغسطس الماضي، لبحث الأفكار والجهود وتذليل العقبات لتنمية هذا القطاع من الشركات.
ولفت كمال، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، لأهمية الترخيص لنشاط الشركات ذات غرض الاستحواذ، سواء لدعم الشركات الناشئة، من خلال تحفيز الشركات ذات غرض الاستحواذ على الطرح بالبورصة وجمع تمويلات والبحث عن شركات صغيرة ومتوسطة وتوفير التمويل والحوكمة مما يساعدها على النمو والتوسع في حجم أعمالها، وهو ما يعود بالنفع على الاقتصاد الوطني في تحويل الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى شركات عملاقة، وتشغيل المزيد من العمالة وزيادة حصيلة الدولة من الإيرادات الضريبية من هذه الشركات، كما تستفيد البورصة من خلال زيادة عمق السوق بطرح شركات كبيرة وفي أنشطة متنوعة وجذب مستثمرين جدد، وزيادة القيمة السوقية لسوق المال المصري.
والشركة ذات غرض الاستحواذ تقوم بالحصول على التمويل المطلوب من خلال طرح الأسهم في الاكتتاب العام و/أو طرح خاص، ويتم الاحتفاظ بحصيلة الاكتتاب في حساب مصرفي بشروط محددة إلى أن يتم إجراء الاستحواذ المطلوب خلال مدة الزمنية للشركة بحد أقصى سنتين، فإن لم يتم إجراء الاستحواذ المخطط له، تلتزم الشركة ذات غرض الاستحواذ (SPAC) بإعادة الأموال إلى المستثمرين، بعد خصم العمولات المقررة والمصاريف الأخرى.
وقال كمال، إن هناك العديد من الشركات الناشئة في مصر مثل شركات توصيل الطلبات للمنازل، يمكنها الاستفادة من الآلية الجديدة والطرح بسوق المال المصري مما يوفر لها آلية تمويل للتوسع في حجم أعمالها بديلا عن الاقتراض البنكي، وهناك بالفعل شركتين أعلنا عن رغبتهما في الاستفادة من هذه الآلية والطرح بالبورصة.
من جانبه قال محمد رضا عضو مجلس إدارة الجمعية المصرية للأوراق المالية- إيكما، إن قرار الترخيص لنشاط الشركات ذات غرض الاستحواذ، يعتبر نقلة كبيرة في قطاع الاستثمار المباشر في مصر؛ لأنه يساعد الشركات العاملة في القطاع سهولة وسرعة الاستثمار في الشركات الناشئة من خلال طرح شركة بالبورصة المصرية والبحث عن الاستحواذ أو الاندماج مع شركات ناشئة، بدلا من إجراءات الاستحواذ الحالية التي تستغرق إجراءات ووقت أطول.
أشار رضا، في تصريحات خاصة لـCNN بالعربية، إلى أن الهيئة العامة للرقابة المالية عقدت اجتماعات مع الشركات العاملة بقطاع الاستثمار المباشر ورأس المال المخاطر، للتعرف على رؤيتها بشأن تنشيط سوق المال المصري، وكانت إحدى المطالبات من معظم صناديق الاستثمار الترخيص لنشاط الشركات ذات غرض الاستحواذ، لخلق آلية جديدة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة خاصة العاملة بمجال تكنولوجيا المعلومات.
وبحسب بيان الهيئة العامة للرقابة المالية، فأنها تقوم حاليا بدراسة وتحليل الممارسات الدولية الخاصة بالشركات ذات غرض الاستحواذ، وذلك تمهيداً لوضع تصور لقواعد قيد وشطب الأوراق المالية ذات الارتباط بهذه النوعية من الشركات.
وفرق محمد رضا، بين نشاط الشركات ذات غرض الاستحواذ وسوق المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبورصة المصرية، والذي يتطلب وجود راعي معتمد لإعداد الشركة للقيد والطرح بهذا السوق، أما نشاط الاستحواذ لن يتطلب هذه القواعد، ويمكن للشركة الاستحواذ أو الاندماج مع الشركات الناشئة بشروط ميسرة.
وسبق أن أعلنت إدارة البورصة المصرية، في 13 سبتمبر الماضي، تقدمها بتعديلات مقترحة على قواعد قيد وشطب الأوراق المالية بالبورصة إلى الهيئة العامة للرقابة المالية لدراستها، وتضمنت التعديلات المقترحة استحداث مادة جديدة 8 مكرر والتي تنظم عملية قيد أسهم الشركات المصرية ذات غرض الاستحواذ، وإدخال بعض التعديلات على المادة 44 لتسهيل عمليات استحواذ الشركات المقيدة على شركات غير مقيدة بشرطة التزام الشركات محل الاستحواذ بمعايير الحوكمة كاملة وتحقيقها معدل نمو مركب بموجب للإيرادات، بما يفتح المجال لرفع رأس المال السوقي للشركات المقيدة بالبورصة من خلال استحواذها على كيانات كبيرة.