شهر، لاحظ الشاب النوبي بسّام هميمي ذو الثلاثين عاما أن عدد السياح الصينيين الذين يتوافدون إلى أسوان بجنوب مصر، انخفض بشكل حاد بعد ظهور فيروس «كورونا» المستجد في ديسمبر. آنذاك، وفي قريته النوبية التي تبعد نحو 900 كيلومتر جنوب القاهرة، قال هميمي: «الصينيون كانوا أكثر من ذلك، ولكن منذ ظهور كورونا هذا في الصين تأثر حضورهم إلى هنا». واليوم، بعد تفشّي هذا الفيروس حول العالم وتجاوز حصيلة الوفيات أربعة آلاف شخص، ووصوله إلى مصر، بات تأثير كوفيد – 19 على السياحة المصرية، بحسب الخبراء، «مؤكدا».

 

كانت السياحة بدأت بالتعافي في مصر بعد سنوات طويلة من التراجع بسبب الاضطرابات السياسية والأمنية التي أعقبت ثورة عام 2011، التي أطاحت بحسني مبارك. ومنذ الإعلان عن أول إصابة بكورونا المستجد في مصر في منتصف فبراير الماضي حتى اليوم، بلغ عدد المصابين 55 شخصا، من بينهم 45 كانوا على متن باخرة تقوم برحلة في النيل بين أسوان والأقصر (جنوب) وتقل سياحا فرنسيين وأميركيين وهنودا. وسجلت مصر الأحد أول وفاة بسبب الفيروس، إذ فارق سائح ألماني الحياة في مدينة الغردقة على البحر الأحمر.

 

ويشير الخبراء الى أن تدابير السفر الوقائية التي تفرضها دول عديدة على مواطنيها ستؤدي بالضرورة الى انخفاض حركة السياحة الوافدة الى مصر، خصوصا من الدول العربية. وحتى الآن، أوقفت الكويت والسعودية الرحلات الجوية من وإلى مصر، وقامت مصر للطيران بوقف مماثل لرحلاتها إلى هاتين الدولتين، كما حظرت قطر دخول المصريين بشكل مؤقت، وردت القاهرة بإجراء مماثل تجاه المواطنين القطريين. وتقول عادلة رجب المستشارة الاقتصادية السابقة لوزير السياحة المصري «بالتأكيد ستؤثر الإجراءات والاحتياطات التي تتخذها الدول نتيجة كورونا في حركة السفر حول العالم، وبالتالي السياحة». وترى رجب أن مصر لن يكون لها نصيب كبير من مردودات تفشي الفيروس، خصوصا «أنها من أقل الدول التي ظهرت بها حالات إصابة». ولكن رجب أكدت أنه «يصعب التنبؤ في الوقت الحالي» بحجم التأثير السلبي على قطاع السياحة. وأضافت «ربما نستطيع أن نحكم على الموقف في ضوء حجوزات أعياد الفصح في أبريل».

 

إلغاءات طفيفة

 

قال إلهامي الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية في مصر سابقا ورئيس إحدى مجموعات السفر والسياحة «سنخسر السائحين العرب في الوقت الحالي، خصوصا القادمين من الكويت والسعودية». وأضاف «هناك بالفعل إلغاءات لحجوزات من جانب السياح الأجانب لكن بشكل طفيف حتى الآن». وتابع «الايطاليون والصينيون ألغيت حجوزاتهم ولكن لا يزال لدينا السياح الأميركيون والبريطانيون والأستراليون والسياح القادمون من دول دول أميركا الجنوبية».

 

وكانت السياحة في مصر، والتي تعد من أهم مصادر النقد الأجنبي في البلاد، شهدت تراجعا حادا عقب إسقاط تنظيم داعش الإرهابي لطائرة روسية بعيد إقلاعها من منتجع شرم الشيخ على البحر الأحمر ما أسفر عن مقتل 224 شخصا كانوا على متنها في أكتوبر 2015. وأوقفت روسيا، التي يمثّل مواطنوها النسبة الغالبة من السياح القادمين إلى مصر من أوروبا، كل رحلاتها الجوية الى مصر عقب هذا الاعتداء. وعلى الرغم من أن موسكو استأنفت رحلاتها إلى القاهرة في أبريل 2018 فإن الرحلات الى شرم الشيخ لا تزال معلقة.

 

وعادت السياحة للانتعاش مجددا في عام 2018، إذ ارتفع عدد السياح الذين زاروا مصر في ذلك العام 11.3 مليون سائح، وفق آخر الإحصاءات الرسمية. الا ان عدد السياح لم يصل بعد الى الذروة التي بلغها في عام 2010 عندما بلغ أكثر من 14 مليون سائح. كما أفادت إحصاءات البنك المركزي المصري بارتفاع إيرادات السياحة لتسجّل خلال العام المالي 2018/19 نحو 12.6 مليار دولار مقابل قرابة 10 مليارات دولار في العام المالي السابق له.

 

الفحوصات مستمرة

 

وتوقعت منظمة السياحة العالمية أن يتسبب فيروس كورونا المستجد في «انخفاض عدد السياح الدوليين في العالم في عام 2020 بنسبة تراوح بين 1 في المئة و3 في المئة». وأضافت، على موقعها الرسمي، أن ذلك «يمكن أن يترجم إلى خسارة ما بين 30 إلى 50 مليار دولار في إنفاق الزوار الدوليين (إيرادات السياحة الدولية)». ويأمل المسؤولون المصريون في خفض الأضرار الناتجة عن فيروس كورونا المستجد على السياحة الى أقصى حد ممكن. (أ ف ب)

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG