تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحقق تحولا في أسواق العمل، وتخلق وظائف جديدة، وتجعل أسواق العمل أكثر ابتكارا واشتمالا وعالمية.
ثلاثة توجهات تدفع في اتجاه هذا التحول: زيادة الربط الشبكي، القدرة على العمل عن بعد وتعهيد العمل، وعولمة المهارات.
ورقة جديدة تبحث السبل التي تمكن واضعي السياسات من تعظيم الأثر الإيجابي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات على التوظيف.
عندما بدأ غوبال ماهارجان، الذي تخرج مؤخرا من كلية الهندسة بنيبال، في البحث عن عمل في كاتماندو، لم يجد استجابة كبيرة. ثم سمع عن وظائف على الإنترنت من خلال كلاود فاكتوري، وهو منتدى “للأعمال الصغرى”. فشكل هو وعدد من بعض الأصدقاء مجموعة وتقدموا للعمل عبر الإنترنت. وتم قبولهم وعينوا في وظائف لبعض الوقت منها تحويل بيانات قديمة ومكتوبة باليد إلى بيانات رقمية، ومراجعة إيصالات المتاجر، أو حتى السجلات الطبية. وتلتقي المجموعة بانتظام مع موظفي كلاود فاكتوري لتبادل الأسئلة حول عملهم والتعلم من بعضهم بعضا.
يقول غوبال، “هذه الوظيفة ساعدتني كثيرا. والآن، لم أعد أشعر بأنني شاذ عن أصدقائي ممن لديهم فرصة عمل، حيث بات لدي مصدر للدخل أيضا. كما أن أسرتي تشجعني في عملي الجديد إذ تشعر أنني شخص منتج ولا أضيع وقتي هباء”.
وفي كافة أنحاء العالم، تحقق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات تحولا في أسواق العمل، وتخلق فرص عمل جديدة وتجعل أسواق العمل أكثر ابتكارا واشتمالا وعالمية.
ووفقا لمذكرة جديدة عن السياسات أصدرها البنك الدولي بعنوان “الربط الشبكي من أجل العمل: كيف يمكن أن تساعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على زيادة فرص التوظيف”، ثمة ثلاثة توجهات تدفع نحو زيادة الوظائف المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كافة أنحاء العالم وهي:
زيادة الربط الشبكي- هناك أكثر من 120 بلدا تصل فيه نسبة استخدام الهواتف المحمولة إلى أكثر من 80 في المائة بين السكان.
تحويل المزيد من أوجه العمل إلى بيانات رقمية – اليوم، أصبح العمل عن بعد وتعهيد مهام العمل ممارسات عمل معتادة عالميا.
زيادة عولمة المهارات – أصبحت الهند والفلبين مراكز رئيسية لتعهيد مهام العمل وذلك بفضل مهاراتهما في اللغة الإنجليزية، بينما تضع بلدان أخرى أعينها على هذا القطاع من أجل النمو في المستقبل.
يقول كريس فاين، كبير مسؤولي الابتكار لشؤون تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدى البنك الدولي، “تؤثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على التوظيف باعتبارها صناعة تولد المزيد من الوظائف وكأداة تمكن العمال من الحصول على أنواع جديدة من العمل بطرق جديدة وأكثر مرونة. وتمثل الفرص الوليدة والقائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أهمية من منطلق أن مختلف بلدان العالم تبحث عن خلق المزيد من الوظائف الجيدة ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي الإيجابي للعمالة والمجتمع”.
” تؤثر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على التوظيف باعتبارها صناعة تولد المزيد من الوظائف وكأداة تمكن العمال من الحصول على أنواع جديدة من العمل بطرق جديدة وأكثر مرونة. وتمثل الفرص الوليدة والقائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أهمية من منطلق أن مختلف بلدان العالم تبحث عن خلق المزيد من الوظائف الجيدة ذات الأثر الاجتماعي والاقتصادي الإيجابي للعمالة والمجتمع. ”
كريس فاين
كبير مسؤولي الابتكار لشؤون تطوير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدى البنك الدولي
وتتيح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات منافذ جديدة لخلق الوظائف التي يمكن أن تساعد على معالجة البطالة العالمية. ولنأخذ صناعة تطبيقات الهاتف المحمول: فشركة تقدم تطبيقات رقمية لمتجر تطبيقات آبل، على سبيل المثال، تستطيع الدخول على حسابات 500 مليون شخص ممن لهم حساب على متجر آبل.
وتربط تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الناس بالوظائف. فأسواق التوظيف على الإنترنت تساعد حاليا ما يقرب من 12 مليون شخص في مختلف أنحاء العالم على العثور على عمل من خلال ربطهم بأرباب العمل في جميع أنحاء العالم. وليست مواقع باباجوب في الهند، ودوما و إم-كازي في كينيا، وسوقتيل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سوى أمثلة لخدمات البحث عن الوظائف باستخدام أدوات تقوم على الإنترنت والهواتف المحمولة. ومثل هذه الخدمات تجعل أسواق العمل أكثر اشتمالا لفئات المجتمع. على سبيل المثال، تستهدف سوقتيل المجتمعات منخفضة الدخل.
كما تساعد تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أشكالا جديدة وأكثر مرونة من التوظيف والعمل مثل:
التعاقد عبر الإنترنت الذي يستخدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لزيادة سبل الوصول إلى فرص العمل في مختلف أنحاء العالم، وخاصة لأصحاب الأعمال الأصغر حجما. ويشمل مقدمي الخدمات الشهيرة موقعي oDesk و Elance. ففي عام 2012، تم الإعلان عن حوالي 2.5 مليون وظيفة على هذين الموقعين تتراوح تخصصاتها من الكتابة إلى خدمة العملاء فتطوير البرامج.
أما منتديات الأعمال الدقيقة مثل CloudFactory و MobileWorks و Samasource فتقوم بتقسيم إجراءات العمل الكبيرة إلى مهام منفردة وأصغر حجما – كإدخال البيانات والتدقيق، وكتابة النصوص أو التصميم البياني- وتوزيعها على العمالة في مختلف المناطق الجغرافية. ويقدر المحللون حجم السوق اليوم بنحو مليار دولار ويتوقعون نموه ليصل إلى 5 مليارات دولار بحلول عام 2018.
وتخلق تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الفرص، لكنها في الوقت نفسه تشكل تحديا أمام العمالة وأصحاب العمل. وتتسم الكثير من فرص العمل التي تعتمد على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بأنها مؤقتة أو مقيدة بعقود محددة، على سبيل المثال، مما يؤدي إلى فصل العمل عن شبكات الأمان الاجتماعي كالتأمين الصحي أو المعاشات. لكنها، بالنسبة للشباب على وجه الخصوص، ترسم طريقا نحو مسارات مهنية أكثر رسمية، فضلا عن أنها توفر دخولا إضافية.
يوضح سيدارتا راجا، أخصائي سياسات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لدى البنك الدولي والمؤلف الرئيسي لمذكرة السياسات، “لا تخلو المكاسب المحتملة للأعمال القائمة على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من المخاطر والتحديات، لكن تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على العمل حتمي وسيفيد هؤلاء الطلاب والعمال والشركات والحكومات التي يعد لها”.
ولتعظيم الأثر الإيجابي لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الوظائف، توصي المذكرة بأن ينتبه واضعو السياسات إلى خمسة أنظمة مساعدة، مع تكييف المزيج حسب احتياج البلد:
أنظمة رأس المال البشري: تجمعات للعمالة تتمتع بمهارات في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وبالوعي وبالمهارات التكنولوجية التي ترجح الميزة التنافسية في سوق العمل.
أنظمة البنية الأساسية: الاتصال في كل مكان بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ والحصول على الكهرباء والنقل؛ والبنية الأساسية لدعم الابتكار وتبني تكنولوجيا المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
الشبكات الاجتماعية: شبكات تتمتع بالثقة والاعتراف من قبل العمال وأصحاب الأعمال، وشبكات الأمان الاجتماعي، وإجراءات الحد من النتائج السلبية المحتملة للتوظيف عبر قنوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
أنظمة مالية: أنظمة فعالة ويمكن التحقق منها لضمان دفع الرواتب في موعدها، والحصول على التمويل لدعم الابتكار والعمل الحر.
الأجهزة التنظيمية: بيئة مواتية تخلق فرصا للتوظيف وتزيد من مرونة سوق العمل مع حماية حقوق العمالة.