ثت المشروعات القومية المختلفة التي تقوم بها الدولة المصرية في الوقت الحالي، وخاصة المتعلقة بتنمية الريف (حياة كريمة)، وغيرها من المشروعات، تنامي كبير لدور القطاع الخاص كشريك أساسي في دعمها، وكصاحب دور أساسي لتسهيل تمويلها، بما يحقق هدفها الوطني في خدمة المواطن المصري، فاشراك القطاع الخاص في برامج التنمية في مصر يعتبر من أهم عوامل النجاح لأي تجربة تنموية، حيث التدخل الفردي للدولة في هذه المشروعات لا يؤتي ثمارها بشكل كامل وكفء، فلهذا أفسحت الدولة المصرية دورًا كبيرًا لهذا القطاع لإشراكها في عمليات التنمية التي تقوم بها.

 

في ضوء ما سبق، يهدف هذا التحليل إلى معرفة إلى أي مدى تشجع الدولة القطاع الخاص للاشراك في عملية التنمية والتعرف على  شكل الدور الذي يقوم به هذا القطاع في هذه المشروعات، وما هي الشركات الفاعلة في هذا المجال؟ وما هو تأثيرها على التقدم في مشروعات الدولة المختلفة؟.

 

سياسات الدولة:

 

ـ تعمل الدولة المصرية على تشجيع اشراك القطاع الخاص في هذه المجالات من خلال قنوات مختلفة نتيجة إيمانها بدورها القوى في دعم عمليات التنمية، حيث قامت الدولة بالاتي:

 

(*) الإصلاحات التشريعية والهيكلية: تم إصدار العديد من الإصلاحات التشريعية التي تحسن مناخ الاستثمار في مصر وتسهل دور القطاع الخاص في الاستثمار في المشروعات القومية المختلفة، حيث تم تعديل قانون مشاركة القطاع الخاص للقضاء على عديد من المعوقات به، بالإضافة إلى إطلاق مجموعة من الإصلاحات الهيكلية التي يعتبر المحور الأساسي فيها هو زيادة مشاركة القطاع الخاص وتأكيدًا على ذلك «وثيقة  سياسة ملكية الدولة» التي توضح للمستثمر أن دور الدولة هو المنظم للنشاط الاقتصادي وفق آليات السوق، مما يجعل هناك مساحة كبيرة للقطاع الخاص.

 

(*) حوافز القطاع الخاص: قامت الدولة بتقديم حوافز عديدة للقطاع الخاص؛ مثل طرح الأراضي بحق انتفاع، ومنح إعفاءات ضريبية لمدة 5 سنوات للمستثمرين، ودعم المتعثرين، فإن هذه السياسات تدعم وجود القطاع الخاص في عمليات التنمية المصرية والتغلب على عديد من المشكلات التي تواجه استمرار وجوده في السوق الاستثماري المصري.

 

(*) برنامج الشراكة مع القطاع الخاص: حيث يلعب صندوق مصر السيادي دورًا مهم كذراع استثماري للدولة المصرية، حيث يعمل على دراسة الفرص الاستثمارية للقطاع الخاص كشريك أساسي له، مما يمثل شراكة حية بين القطاع الخاص والدولة، ويؤكد اهتمام الدولة بالقطاع الخاص لدفع عمليات التنمية.

 

حدود الدور:

 

ـ يقوم القطاع الخاص بدوراً أساسياً في المبادرة الرئاسية حياة كريمة، فالقطاع الخاص له دوراً قوياً وبارزاً في هذه المبادرة، فهذا الدور يتمثل في المشاركة في المشروعات التي يوضح تكلفتها الشكل البياني رقم (1):

 

نلاحظ من الشكل رقم (1) أن مبادرة حياة كريمة تعمل على تهيئة البنية التحتية لقرى الريف من خلال دعم شبكات الصرف الصحي وشبكات المياه داخل هذه القرى، وربط المنازل بشبكات الكهرباء و الغاز الطبيعي والألياف الضوئية وإنشاء شبكات ري جديدة، وكل هذا تم بمشاركة كبيرة للقطاع الخاص مع الدولة في تنفيذها، حيث قدر التكلفة الإجمالية لمشروع حياة كريمة حوالى 700 مليار جنيه، ويأتي التمويل لهذه المشروعات من خلال اسثتمارات عامة للدولة واستثمارات صناديق تنمية محلية، مع مشاركة جادة بتمويلات مسهلة من خلال القطاع الخاص، حيث يقوم القطاع الخاص بالتمويل الآجل مما يعمل على سهولة التمويل لهذه المشروعات.

 

(#) مشروعات المياه: تستحوذ على النسبة الأكبر من تكاليف مبادرة حياه كريمة، حيث استحوذت على 72.2 مليار جنيه من خلال توفير شبكات المياه داخل القرى، مما يوفر المياه النظيفة داخل القرى المصرية حيث ينعكس على تحسن الحياه الأدمية داخلها.

 

(#) مشروعات الصحة والتعليم: شارك القطاع الخاص الدولة في مشروعات الرعاية الصحية في مبادرة حياة كريمة من حيث تقديم الخدمات الطبية والعمليات الجراحية والأجهزة التعويضية لذوي الإعاقة، حيث تكلفت المرحلة الأولى منها 17.8 مليارات جنيه، بالإضافة إلى الاهتمام بتوفير فصول جديدة وزيادة عدد المدارس والفصول؛ مما يحسن من مستوى التعليم في القرى من خلال تقليل الكثافة داخل الفصول المدرسية.

 

(#) مشروعات الكهرباء: قدرت تكلفة مشروعات الكهرباء خلال المرحلة الأولى من مبادرة حياة كريمة حوالى 24.8 مليار جنيه، حيث تتضمن مشروعات الكهرباء توفير شبكات الألياف الضوئية، وتوصيل الغاز الطبيعي للمنازل، وتوفير شبكات الألياف الضوئية؛ مما يعمل على تحسين الحياه داخل قرى الريف.

 

يوضح الشكل التالي نظام التمويل الحديث الذي أصبحت الدولة المصرية تتبناه في استراتيجيتها لتمويل مبادرات حياة كريمة وغيرها من المشروعات، حيث أصبحت الدولة تتعمد على آليات التمويل الحديثة التي تتمثل في السندات الخضراء التي تعتبر وسيلة حديثة للتمويل تستخدم في تمويل مشروعات صديقة للبيئة، بالإضافة إلى نظام مشاركة القطاع الخاص مع القطاع العام.

 

(#) تسند الدولة المصرية تنفيذ هذه المشروعات لمقاولين متعددين، مع إسناد الأعمال لكل مقاول بما يتناسب مع إمكانياته في التنفيذ، وتسهم شركات المقاولات الخاصة في سهولة تمويل هذه المشروعات من خلال التعامل بالأجل والتعاون من الباطن، فمبادرة حياة كريمة أصبحت فرصة لإنتعاش شركات المقاولات الصغيرة والمتوسطة حيث تقوم بتنفيذ أعمال شبكات الصرف الصحي، وتأهيل الطرق مما يعود على ربحيتها، لذلك في الجزء التالي سنوضح الشركات الفعالة في المشاركة في مبادرة حياة كريمة.

 

شركاء فاعلون:

 

هناك العديد من شركات القطاع الخاص التى ساهمت فى تنفيذ مبادرات حياة كريمة مع  الدولة المصرية، ومن هذه الشركات:

 

(-) شركة New ega: تعتبر هذه الشركة رائدة في مجال الصناعات الكهربائية، وشاركت بشكل مباشر في العديد من أعمال التطوير والمشروعات القومية المختلفة، فقد قامت بتنفيذ العديد من مشروعات الرعاية الصحية، فكما يوضح الشكل التالي نلاحظ أن شركة  new ega قد ساهمت في المشاركة في تنفيذ العديد من المستشفيات بالقرى، مثل: ملاوي، وقها، وقلين، وبلطيم، وجرجا، مما يتضح دورها القوى في دعم أهداف مبادرة حياة كريمة في توفير خدمة صحية متميزة في قرى مصر، هذا بالإضافة إلى مشاركتها في مشروعات إسكان الشباب في المدن، ومشروعات محطات مياه، مما يتضح دورها القوي في توجيه استثماراتها لقرى مصر.

 

(-) شركة إعمار مصر: ساهمت شركة إعمار مصر بدور قوى فى مبادرة حياة كريمة من حيث تنفيذ مجموعة مختلفة من المشروعات فى قرى الريف المصري، حيث قد وقعت شركة إعمار مصر بروتوكول تعاون مع مؤسسة حياة كريمة فى 19 مايو 2022 للارتقاء بالمستوى الإقتصادى والإجتماعى والصحى والتعليمى للقرى الأكثر احتياجاً ويدل هذا البرتوكول على تعاون طويل الأمد لمساعدة الفئات الأكثر احتياجاً، فقد خصصت شركة إعمار مصر مليار جنيه لرفع كفاءة كافة القطاعات بالقرى المصرية والقضاء على الفقر وتحسين جودة الحياة.

 

وبالنظر إلى الشكل رقم (3) الذي يوضح مدى مساهمة إعمار مصر فى المشروعات التنموية فى قرى مصر نجد أنها ساهمت بشدة فى مشروعات بيوت الخير بالتعاون مع مصر الخير والذي يعد من أكبر المشروعات الممولة من القطاع الخاص فى محافظات أسوان، قنا، مطروح، البحيرة، فقد  ساهمت الشركة فى ترميم وتأهيل 945 منزل بهذه المحافظات من خلال بناء الأسقف وترميم الجدران وتحسين أعمال الصرف الصحى وتوصيل المياه النقية، كما ساهمت فى توفير عدد 500 مشروع من مشروعات الإنتاج الداجنى مما يساعد على توليد الدخل للفئات المستحقة.

 

(-) شركة سيليكت انترناشونال: تحرص شركة سيليكت على المشاركة في المشروعات القومية المختلفة، فقد وصلت تعاقدات الشركة فى هذا الشأن إلى 2 مليار جنية خلال عام 2021 خصصت لتنفيذ المشروعات القومية فى مبادرة حياة كريمة ، فالشركة لديها استراتيجية واضحة للاستثمار فى البنية التحتية للمياه حيث وصل حجم تعاقدات ملف المياه لشركة سيليكت حوالى 2.5 مليار جنيه مصرى على مدار الـ 3 سنوات الماضية، فكما يوضح الشكل (4) مدى فعالية دور شركة سيليكت انترناشونال فى المشروعات القومية للدولة فى قرى مصر خاصة مشروعات المياه، كما وصلت نسبة إنجاز الشركة فى مبادرة حياه كريمة حوالى 33 % باستثمارات تتجاوز 600 مليون جنيه.

 

الشكل (4) انجازات شركة سيليكت انترناشونال فى ملف المشروعات القومية

 

ختاماً، الدولة المصرية مدركة بكل جيد لأهمية مشاركة القطاع الخاص في المشروعات القومية التي تنفذها، مما يحقق فاعلية وكفاءة التنفيذ، فلا يمكن أن تتحقق تنمية دون مشاركة الشركات العاملة في السوق المصري، ومما لا شك فيه أن ذلك يسيعود بالنفع على هذه الشركات من خلال التوسع في أعمالها، فالتكامل بين القطاع الخاص والقطاع العام له دور كبير في تخطي العديد من الأزمات التي تواجة الدولة، ووعي الدولة بهذا جعلها تقدم العديد من الحوافز والتسهيلات التي تشجع القطاع الخاص على المشاركة في عملية التنمية، مما يعزز النمو الاقتصادي بالدولة، ويوفر العديد من فرص العمل.

New ega

الاستثمار في مصر

القطاع الخاص

المشروعات القومية

مبادرة حياة كريمة

مصر

صورة رضوى محمد سعيد رضوى محمد سعيد أرسل بريدا إلكترونيا 14 ديسمبر، 2022

5 دقائق

 

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG