كثر الحديث حول كيفية تحسين التكنولوجيا لنتائج المرضى، لكن هناك تأثيراً كبيراً على التمريض أيضًا. ومن بين الإيجابيات: دقة أكبر، وإصابات أقل للموظفين، ونشر أفضل للمعلومات. فصناعة الرعاية الصحية تعتمد على التكنولوجيا لتعويض النقص في قطاع التمريض وتحسين نتائج المرضى أيضًا. لكن حان الوقت للتوقف وتقييم تأثير تكنولوجيا الرعاية الصحية على التمريض، أكبر قوة عاملة في مجال الرعاية الصحية في العالم.
هناك أدوار عديدة يؤديها مقدمو الخدمة التمريضية في مجال الرعاية الصحية، فقطاع التمريض يضم أكبر عدد من العاملين في هذا المجال. فمثلا قوة العمل التمريضية في بلد كالولايات المتحدة هي بحجم الجيش. ووفقًا لمكتب إحصاءات العمل، كان هناك 4 ملايين و600 ألف ممرضة وممرض في نهاية العام 2017. وحتى العام 2020 كان العدد ارتفع في شكل ملحوظ، لكن وفقًا للمجلس الوطني لمجالس الدولة للتمريض، ما يزال هناك نقص في الجهاز البشري التمريضي، والأمر يسري على معظم دول العالم. من هنا كان التوجه إلى رقمنة القطاع والإستعانة بالتكنولوجيا… فكيف كانت النتائج؟
تطورات متواصلة
تتسارع رقمنة الرعاية الصحية والتقنيات ذات الصلة، للمساعدة في حل هذا النقص في الموظفين. كان العام الماضي عامًا ناجحًا في مجال تكنولوجيا المعلومات الصحية، وفقًا للمراجعة نصف السنوية لسوق تكنولوجيا المعلومات الصحية من شركاء نمو الرعاية الصحية. وتشهد الإستثمارات في قطاع التكنولوجيا المساعدة وإنترنت الأشياء للرعاية الصحية وتقنيات الرعاية الصحية الأخرى ارتفاعات مماثلة.
تغيَّرَ الكثير من الأمور وسلوكيات العمل التمريضي على مدى الـ 40 عامًا الأخيرة. فقد تحسّن العديد من جوانب التمريض مع تقدم التكنولوجيا، وبات هناك المزيد من الدقة ونتائج أفضل للمرضى وإصابات أقل للموظفين ونشر أفضل للمعلومات. فقد تغيرت تقنيات مثل بعض أنواع المضخات والرسوم البيانية الإلكترونية، وشاشات القياس عن بعد المعتمدة كثيرًا في عمل التمريض. وقد باتت المضخات الوريدية تتحكم تلقائيًا في الجرعات والقطرات، وتحل الرسوم البيانية الإلكترونية محل الخربشات السريعة المكتوبة بخط اليد لأخصائيي الرعاية الصحية. فتقوم التقنيات الجديدة بأتمتة العمليات التجارية وإجراءات سلامة المرضى. وتتيح أجهزة القياس عن بُعد المحمولة إمكانية مراقبة حالة المريض حتى لو كانت الممرضة أو المريض في حالة تنقل.
ويقول خبراء التمريض ومصمموا الآلات الجديدة إن التكنولوجيا جعلت التخصصات التمريضية في طليعة التخصصات ومرغوبة أكثر. وأصبح عمل الممرضة اليوم أسهل، من حيث أننا نتمتع بكفاءة وجود سجلات طبية في متناول أيدينا. حتى أن التوجّه إلى تخصصات التمريض بات أكبر بفضل دخول التكنولوجيا إلى هذا القطاع. فهي حسّنت التواصل، وعززت التوثيق، وقدمت ممارسات قائمة على الأدلة، وأدت إلى العديد من الابتكارات عالية الجودة، فوفّرت بيئة عمل أكثر أمانًا وفعالية. وهذه المزايا الإيجابية التي تعود على المرضى واضحة، فأهمية المساعدة التكنولوجية في العمل اليومي للممرضات أحدثت ثورة صحية واضحة.
على سبيل المثال، قد يبدو أن إعطاء خمسة مرضى أدويتهم في حوالى الساعة 9 صباحًا أمرًا بسيطًا وروتينيًا، ولكنه غالبًا لا يتم بهذه البساطة. ويقول مستشار في المعلوماتية الصحية والاستراتيجية الرقمية وأستاذ في كلية بايلور للطب، إن هناك حالات كثيرة قد يمتنع فيها المريض عن تناول الدواء الضروري، أو تحول أسباب أخرى دون ذلك ما يؤثر على صحة المريض ومستوى الخدمة الطبية في شكل عام. في حين أن التقنيات في هذا المجال يمكن أن لا تقدر بثمن بالنسبة للممرضات. واليوم باتت التكنولوجيا في صلب العمل لجميع الإستخدامات. وعندما تكون التكنولوجيا معطلة لأي سبب من الأسباب في المستشفى، فإن ذلك يمثل اضطرابًا كبيرًا لممرضة مشغولة للغاية ومتعددة المهام. خصوصا عندما يتعلق الأمر بإدخال البيانات أو تحديد بعض المعطيات.
الإمارات مثالاً
بهدف دراسة أثر التطور التكنولوجي على ممارسة مهنة التمريض، وتحت شعار “النظرة المستقبلية للتمريض في عصر التطور التكنولوجي”، نظمت وزارة الصحة ووقاية المجتمع في الإمارات أول مؤتمر للتمريض في العام 2018، وقد أكد المشاركون على أهمية توفير أحدث الخدمات التقنية والتكنولوجية في مختلف أنماط الرعاية الصحية، لاسيما في قطاع التمريض، نظراً لأهمية دمج التكنولوجيا في خدمات الرعاية الصحية لمساعدة كوادر التمريض، على مواكبة آخر التطورات في تكنولوجيا التمريض والممارسات التمريضية الحديثة للتعامل مع التحديات اليومية، مع دخول الروبوتات مجال خدمات الرعاية الصحية، ونجاحها في تقديم أفضل النتائج بوقت قياسي وبأقل هامش من الخطأ البشري، وأهمية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتطورة واستغلالها في تطوير الكفاءة الطبية والتشغيلية. وتعتبر وزارة الصحة ووقاية المجتمع معلوماتية التمريض من المجالات الحيوية في ميدان الرعاية التمريضية على المستوى العالمي، بهدف تدريب وإرشاد الكوادر التمريضية في الإمارات على استخدام تكنولوجيا المعلومات الطبية، لتحسين مستوى الرعاية الصحية المقدمة للمرضى، سعياً لتحقيق استراتيجية الوزارة في تعزيز صحة المجتمع عبر تقديم خدمات صحية شاملة ومبتكرة ومستدامة تفوق التوقعات من أجل مجتمع سعيد وبمعايير عالمية.
ففي دولة الإمارات واحدة من أهم المبادرات على مستوى المنطقة في هذا المجال وهي المبادرة الوطنية لتعزيز جاذبية التمريض، التي تهدف إلى استقطاب الكوادر المواطنة على مستوى الدولة بالعدد والنوعية الملائمة لاحتياجات المجتمع الصحية، مما يساهم في توفير رعاية صحية متميزة تلائم بيئة الدولة وثقافتها وتساعد على تطبيق خطط توطين المهنة، وبما يضمن مكانة مرموقة لدولة الإمارات في طليعة صناعة الرعاية الصحية على مستوى المنطقة والعالم. وهناك الكثير من التطورات المسجلة كل يوم، حيث يعمل المستهلكون المتمرسون في مجال التكنولوجيا على إدخال إنترنت الأشياء في الرعاية الصحية والتمريض من خلال الأجهزة القابلة للارتداء والتطبيقات والبيانات الخاصة بهم. وذلك لأن العديد من الأمراض والوفيات المبكرة سببها سلوكيات يمكن تغييرها، ويؤكد المختصّون أن التكنولوجيا يمكن أن تغير السلوك. التكنولوجيا مفيدة أيضًا في التحديد المبكر للمشكلات الصحية، مما يسمح بالتدخل المبكر وتحقيق نتائج أفضل.