عام جديد ينتظره العالم لتجاوز أزماته الراهنة، رغم أن اقتصاديين ومراكز أبحاث دولية يتوقعون أن يشهد مزيدا من الركود، وسط انكماش عدد من الاقتصادات نتيجة لتكاليف الاقتراض الجديدة التي تم الاتفاق عليها لمواجهة معدلات التضخم.
وتجاوز الناتج المحلي الإجمالي العالمي 100 تريليون دولار لأول مرة في عام 2022، وفقا للتقرير السنوي الذي أصدره مركز بحوث الاقتصاد والأعمال للاستشارات في بريطانيا، لكنه سيتوقف عن النمو في العام الجديد، مع استمرار صناع السياسات في معركتهم ضد ارتفاع الأسعار.
4 مؤشرات للاقتصاد العالمي
وحدد مراقبون 4 عوامل مباشرة ألقت بتداعياتها على الوضع الاقتصادي العالمي، تشمل:
التأثيرات المستمرة منذ جائحة كوفيد-19 واضطرار الكثير من دول العالم لاتخاذ قرارات “الإغلاق الاقتصادي”، مما أدى لتراجع نمو العديد من القطاعات.
الحرب الروسية الأوكرانية والانقسام العالمي الراهن، مما دفع الغرب لإقرار حزمة من العقوبات الاقتصادية على موسكو لشل آلتها العسكرية تجاه كييف.
استمرار أزمة سلاسل الإمداد العالمية نتيجة الأوضاع الجيوسياسية الراهنة.
الصراع الممتد اقتصادياً وسياسياً بين الولايات المتحدة وغريمتها الصين.
مخاطر كبيرة
على الرغم من توقع مجلة “هارفارد بزنس ريفيو”، بوجود فرصة لتراجع التضخم العالمي، إلا أن هناك مخاطر كبيرة، حيث سيستغرق الأمر وقتًا طويلاً قبل أن ينخفض التضخم إلى المستويات المستهدفة للبنوك المركزية، خلافا لمخاطر أخرى تتعلق بالتخلف عن سداد الديون السيادية لبعض الدول.
ورجح رئيس قسم التنبؤ في مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال، كاي دانيال نيوفيلد، أن يواجه الاقتصاد العالمي ركودا العام المقبل نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة استجابة لارتفاع التضخم.
بالنسبة لمستوى التضخم المتوقع في 2023، يقول أستاذ المالية في كلية إدارة الأعمال بجامعة هارفارد ميهير ديساي: “لقد مررنا بتغير زلزالي في معدلات ما زلنا نستوعبها… وفي حين أن معدلات التضخم الجامحة قد تحسنت بعض الشيء، فإننا أقل بكثير من معدل التضخم المستدام”.
وأوضح أن توقعات الوصول إلى معدل تضخم يتراوح بين 4 و5 بالمئة قد يحدث بحلول مايو 2023، لكن العودة إلى التضخم في حدود 2 إلى 3 بالمئة يستغرق وقتًا أطول ويكون أكثر إيلامًا.
هذا ويرى صندوق النقد الدولي، أن الاحتمال بأن يتراجع النمو العالمي إلى أقل من 2 بالمئة العام المقبل يتزايد، بسبب استمرار آثار الحرب في أوكرانيا والتباطؤ المتزامن في أوروبا والصين والولايات المتحدة.
وخفض الصندوق في أكتوبر توقعاته للنمو العالمي لعام 2023 إلى 2.7 بالمئة، مقارنة بتوقعات في يوليو بنمو 2.9 بالمئة، وسط ضغوط من الحرب وارتفاع أسعار الطاقة والغذاء وزيادة التضخم والزيادات الحادة في معدلات الفائدة.
أخبار ذات صلة
أميركا والصين
ما أبرز المخاطر الاقتصادية أمام أميركا والصين في 2023؟
فلاديمير بوتين
تفاوض على حلول مقبولة.. ماذا تعني إشارة بوتين الدبلوماسية؟
ماذا نتوقع في 2023؟
يرى المحلل الاقتصادي البارز، الزميل غير المقيم في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي، بول سوليفان، في حديث لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن عام 2023 سيكون به الكثير من الشكوك حول الاقتصاد العالمي، بما يرتبط بذلك من الحرب في أوكرانيا، والضغوط الاجتماعية في العديد من الدول، والافتقار إلى قيادة اقتصادية حقيقية، والاضطراب الناجم عن التغييرات بين الشرق والغرب.
وتشمل توقعاته:
يجري تفكيك العديد من أدوات التجارة والاستثمارات وسلاسل التوريد التي كانت مهمة في السابق وتغييرها، وعلى سبيل المثال “الرقائق”، إذ تحاول الولايات المتحدة فصل سلاسل التوريد الخاصة بها عن الصين، في الوقت الذي يحاول الاتحاد الأوروبي فك ارتباطه في مجال الطاقة بروسيا.
سيستمر الدين العالمي في النمو، وستتجاوز بعض الديون الوطنية بعض نقاط الخطر كما حدث في سريلانكا وأماكن أخرى.
سيستمر التضخم في العديد من الأماكن، رغم نجاح جهود البنوك المركزية الرئيسية بعدد من الدول للسيطرة على التضخم جزئيًا، لكن بعض هذه السياسات تجعل الحياة صعبة للغاية بالنسبة لبعض البلدان الأصغر التي ترتبط اقتصاداتها بالاقتصادات الأكبر.
سينمو التفاوت في الدخل والثروة في عام 2023، وسيؤدي هذا إلى زيادة الضغوط الاجتماعية وغيرها في العديد من البلدان.
ستزداد أهمية الاقتصاد في التغيرات السياسية والضغوط السياسية في عام 2023.
سيستمر عدم اليقين في أسواق النفط والغاز، خاصة بالنسبة للاتحاد الأوروبي واليابان والصين وكوريا الجنوبية والمستوردين الجدد الرئيسيين الآخرين بالإضافة إلى العديد من البلدان المستوردة الأكثر فقراً التي تتعرض لصدمات اقتصادية في كل مرة تتحول فيها أسواق الطاقة بقوة.
ستستمر الاضطرابات بأسواق الأسهم نظرًا لاستمرار حالة عدم اليقين العالمية والمحلية التي يمكن أن تؤثر عليها.
قد نشهد المزيد من حالات التخلف عن سداد القروض في البلدان الفقيرة، ويبدو أننا أمام طلبات قروض متزايدة من البلدان الفقيرة إلى صندوق النقد الدولي، وهو الملاذ الأخير لهم.
ستشهد البلدان الأكثر فقراً والمعرضة للتضخم انخفاضاً أكبر في الأجور والمداخيل الحقيقية لشعوبها.
سيُنظر إلى برامج التحفيز الضخمة والبرامج الأخرى الهادفة إلى تحقيق الاستقرار في بعض أكبر الاقتصادات على أنها أكثر تكلفة مما هو مقدم.
ة