شهدت منطقة الشرق الأوسط خلال العام 2023 زخمًا من القضايا والأحداث، بل والأزمات المزمنة والصراعات الممتدة والحروب غير المتماثلة التي ستلقي بظلالها على التفاعلات الداخلية والخارجية لدول الإقليم خلال العام 2024، وذلك على الأصعدة كافة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية وأيضًا العسكرية، ولعل شنَ إسرائيل الحرب الضارية على قطاع غزة عقب عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حماس وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية في السابع من أكتوبر 2023 هو الحدث الأبرز بالمنطقة، والذي سينتج عنه تأثيرات إقليمية ممتدة.
كما لا زالت حالة الجمود تخيم على التسويات السياسية بين أطراف النزاع في البلدان العربية المأزومة (ليبيا، اليمن، سوريا)، بل ودخلت السودان خلال العام 2023، إلى مجموعة دول الصراعات على السلطة بين قوات الدعم السريع والجيش السوداني، فضلًا عن بروز مخاطر الكوارث الطبيعية، خاصة المتعلقة بالزلازل والفيضانات التي شهدتها مؤخرًا عدة دول إقليمية، علاوة على تداعيات التغيرات المناخية على أمن واستقرار دول الإقليم. يتزامن مع ذلك عودة تصاعد تهديدات الهجرة غير النظامية من شمال إفريقيا إلى جنوب أوروبا، ومحورية دور المعابر والمنافذ الحدودية، وتزايد أثر الأبعاد والأزمات الاقتصادية على الاستقرار المجتمعي في الشرق الأوسط.
بيد أنَّ ثمة استدارة ملحوظة في السياسات الخارجية للقوى الإقليمية الرئيسية مثل مصر والسعودية والإمارات وتركيا وإيران، وهو ما يعكس تبني سياسات التهدئة في التفاعلات البينية الإقليمية، لأن تكلفة السلم أقل من تكلفة الصراع، ولعل ما يعبر عن ذلك الانفتاح العربي على سوريا بإعادتها إلى جامعة الدول العربية بعد 11 عامًا من الغياب، وإعادة العلاقات بين المملكة العربية السعودية وإيران برعاية صينية، واستئناف عملية التبادل الدبلوماسي بين الإمارات وإيران، والتي مثلت “بارقة أمل” خلال العام 2023، نحو إحلال الأمن والاستقرار بالمنطقة.
تحاول هذه المقالة تسليط الضوء على أبرز الاتجاهات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط خلال العام 2023، وكيفية تفاعل دول الإقليم إزائها، ثم إعطاء رؤية مستقبلية بشأن المشهد بالمنطقة خلال العام 2024، والتي يمكن إجمالها في عشر اتجاهات رئيسية.
أولًا: حالة الحرب.. العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة
يعد الحدث الأبرز في العام هو إطلاق “كتائب القسام” (الذراع العسكري لحركة حماس) فجر السابع من أكتوبر 2023، عملية “طوفان الأقصى”، قامت على إثرها بشن هجوم بري وبحري وجوي على غلاف قطاع غزة، واستطاع مقاتلوها اقتحام السياج الذي يفصل القطاع عن الأراضي الإسرائيلية، ودمروا عددا من المعدات العسكرية الإسرائيلية، بل وأسروا المئات من المستوطنين والجنود الإسرائيليين. وجاءت هذه العملية بمثابة “الصدمة” لتل أبيب التي ردت عليها بتنفيذ عملية “السيوف الحديدية”، وأعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية “بنيامين نتنياهو” دخول البلاد في حالة حرب متوعدًا بالقضاء على حركة حماس.
وهنا تثار تساؤلات عدة، مثل: إلى أي مدى يمكن أن تؤثر تلك الحرب على عملية التطبيع بين إسرائيل وعدد من بلدان الإقليم، خاصة أنها وقعت قبل أيام قليلة من تكنهات حول اقتراب توقيع اتفاقية للتطبيع بين إسرائيل والسعودية برعاية أمريكية، على غرار “اتفاقيات التطبيع الإبراهيمية” الموقعة في أغسطس 2020 بين الإمارات والبحرين وإسرائيل، وهو ما دفع الرئيس الأمريكي “جو بايدن” للقول بأنَّ “أحد الأسباب التي دفعت حماس إلى الهجوم هو أنهم كانوا يعلمون أنني كنت أعمل بشكل وثيق للغاية خاصة مع السعوديين وغيرهم في المنطقة لإحلال السلام في المنطقة من خلال الاعتراف بإسرائيل وحق إسرائيل في الوجود”، وهو الأمر الذي يعني وجود معضلة رئيسية قد تستمر لفترة طويلة خلال العام 2024 أمام أية محاولات أمريكية رامية لتوسيع علاقات التطبيع بين تل أبيب ودول الإقليم خاصة مع الرياض.
وبجانب ذلك، أكدت تلك الحرب بأنَّ اتفاقيات التطبيع لم تؤدِ إلى إحلال السلام الإقليمي ومعالجة مشكلة احتلال الأراضي الفلسطينية؛ حيث رفضت إسرائيل الانصياع إلى أية نداءات إقليمية أو دولية تطالبها بوقف حربها تلك، وعلى العكس فإنَّ قطر التي لم توقع على اتفاقية تطبيع ولم تقيم علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، استطاعت بالتعاون مع مصر إقناع طرفي النزاع في 21 نوفمبر 2023، بتطبيق هدنة إنسانية مؤقتة وإطلاق سراح عدد من الرهائن والأسرى من قبل الطرفين، امتدت لأسبوع وسرعان ما استأنفت إسرائيل الحرب إثر إنتهاءها. كما أنَّ البحرين أوقفت علاقاتها الاقتصادية مع إسرائيل، ومنعت سلطنة عُمان عبور الطائرات الإسرائيلية فوق أجوائها.
وامتد تأثير تلك الحرب على العلاقات التركية الإسرائيلية سلبا، إذ أعلن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” إلغاء زيارة له إلى إسرائيل، قائلا في كلمة له خلال اجتماع الكتلة النيابية لحزبه “العدالة والتنمية” في البرلمان بالعاصمة أنقرة في 25 أكتوبر 2023، “كانت نوايانا حسنة، ولكن استغل حسن نيتنا، وكان لدينا خطة لزيارة إسرائيل، تم إلغاؤها ولن نذهب، فلو استمر بحسن نية، لكانت علاقتنا مختلفة، لكن مع الأسف لن يحدث ذلك أيضا الآن، لأنهم استغلوا نوايانا الطيبة”.
وتجدر الإشارة إلى رفض القاهرة لمخطط إسرائيل تهجير قاطني قطاع غزة إلى داخل سيناء، وشدد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في أكثر من مناسبة، على رفضه لمحاولات إسرائيلية وأمريكية وأوروبية لـ “تهجير الفلسطينيين” إلى الأراضي المصرية معتبرًا ذلك تصفية للقضية الفلسطينية على حساب دول الجوار.
وأجمعت دول الإقليم أن ما تقوم به إسرائيل يخالف قواعد القانون الدولي ويبرز سياسة “ازدواجية المعايير”، وأنَّ الخروج من هذا المأزق يكمن في إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية. وتجدر الإشارة إلى أنه لم تخلُ مباحثات أو لقاءات تجمع قادة دول المنطقة خلال الفترة الأخيرة إلا واحتلت القضية الفلسطينية الجزء الأبرز منها، وهو ما يعكس مدى تأثير استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة على أمن واستقرار المنطقة برمتها.
ثانيًا: سلطة ذات رأسين.. استمرار تعقد حسم الصراع في السودان
يستند هذا الاتجاه على استمرار تأزم الأوضاع داخل الأراضي السودانية، وذلك في إطار النزاع على السلطة بين رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني قائد الجيش “عبد الفتاح البرهان”، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف بـ “حميدتي”، منذ اندلاع الاشتباكات بين الطرفين منتصف أبريل 2023، وهو ما أدى لوقوع مئات القتلى وآلاف الجرحى وارتفاع موجة النزوح؛ الأمر الذي دفع بعدد من الدول على الصعيدين الإقليمي والدولي لحث طرفي الصراع في السودان على التهدئة والحوار ووقف شامل ومستدام لإطلاق النار.
وعملت بعض دول الجوار على حل الصراع إذ استضافت مصر “قمة دول جوار السودان” في 13 يوليو 2023 للمطالبة بوقف إطلاق النار بالأراضي السودانية. كما أقنعت السعودية طرفي الصراع بالسودان بالتوقيع على “إعلان جدة” في 11 مايو 2023، والذي نص على “وقف إطلاق النار والالتزام بحماية المدنيين في السودان”، ولا زالت المملكة تقيم على أراضيها محادثات بين ممثلي القوات المسلحة السودانية وممثلي قوات الدعم السريع، أملًا في تحقيق اختراق يسهم في انهاء الأزمة بالسودان والتوصل لاتفاق سياسي يتحقق بموجبه الأمن والاستقرار بالأراضي السودانية.
ومع ذلك، لم تضع الحرب أوزارها حتى الوقت الحالي، إذ لا توجد مؤشرات توحي بأنَّ الصراع بين الشريكين السابقين في الحكم في طريقه للحل العاجل في ظل رفضهما لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، ولذلك هناك اتجاه يرى أنَّ الصراع بالسودان قد يتجه لمزيد من التعقيد، وذلك بعد اتجاه أعضاء الحكومة السودانية وقادة الجيش إلى مدينة بورتسودان شرق البلاد، وسيطرة قوات الدعم السريع على مناطق في الخرطوم، وإقليم دارفور (غربا). وفي هذا الإطار، يشير اتجاه في الأدبيات إلى أنَّ السودان قد تشهد استنساخ “السيناريو الليبي”؛ حيث تتنازع حكومتان السلطة واحدة في الشرق والأخرى في الغرب، لكل منهما قوات عسكرية وحكومة وبنك مركزي ومؤسسات إعلامية وقوى إقليمية ودولية داعمة لها.
ثالثًا: عراقيل قائمة.. جمود تسوية الصراعات المسلحة في البلدان العربية المأزومة
يصدق هذا الاتجاه على كل من ليبيا واليمن وسوريا، إذ لا توجد حتى الآن مؤشرات توحي بأنَّ الصراعات بهذه البلدان في طريقها للحل أو للتسوية، وهو ما يعني استمرار ديناميكية الخلافات بين أطراف الصراع بهذه البلدان خلال العام 2024، بل قد تتصاعد حدتها مما يهدد حالة عدم الاستقرار الإقليمي وينذر باستمرار تحركات بعض دول المنطقة لحلحة هذه النزاعات التي مر على بعضها ما يزيد عن 11 عاما.
ففي ليبيا، لا زالت هناك حالة من الانسداد السياسي وعدم اليقين تخيم على موعد إجراء عملية الانتخابات وتشكيل حكومة موحدة، جراء استمرار الخلافات بين مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة بشأن مخرجات لجنة 6+6 المشكّلة من المجلسين والمعنية بإعداد قوانين للانتخابات البرلمانية والرئاسية، حيث رفض مجلس الدولة النسخة المعدلة من القوانين الانتخابية التي اعتمدها مجلس النواب مطلع أكتوبر 2023 معلنًا تمسكه بالنسخة غير المعدلة التي أخرجتها اللجنة مطلع يونيو 2023 خلال اجتماعها في مدينة بوزنيقة بالمغرب.
وقد دفع ذلك بالمبعوث الأممي إلى ليبيا، عبدالله باتيلي، في 22 نوفمبر 2023، لدعوة من وصفهم بـ”الخمسة الكبار”، وهم “رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة محمد تكالة، ورئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، وقائد معسكر شرق ليبيا “خليفة حفتر”، للاجتماع من أجل وضع حد للخلافات والعقبات التي تواجه العملية الانتخابية.
وكذلك الحال بالنسبة للصراع في اليمن، إذ لا زالت حالة الخلافات والاشتباكات بين قوات الشرعية المدعومة من قوات التحالف العربي والميليشيا الحوثية تخيم على المشهد اليمني، رغم توقيع “هدنة” شملت وقف الأعمال القتالية بين الطرفين برعاية الأمم المتحدة في أبريل 2022، وتمديدها أكثر من مرة، إلا أنَّها أثبتت “هشاشتها” لعدم التزام أيا من طرفي الصراع بها.
وتجدر الإشارة إلى أنَّه عقب إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران في مارس 2023، اتجهت الأنظار إلى اليمن وإلى الدور الذي يمكن أنْ تلعبه طهران في التأثير على جماعة أنصار الله (الحوثيين) بالأراضي اليمنية من أجل وقف أعمالها التصعيدية والتفاوض مع الشرعية لتسوية الأزمة اليمنية التي دخلت عامها التاسع، وكانت البداية بأول زيارة علنية منذ 2014 يجريها وفد حوثي إلى العاصمة السعودية الرياض منتصف سبتمبر 2023. ومع اندلاع تصريحات من قبل الطرفين الحوثي والسعودي حول تحقيق المفاوضات التي جرت برعاية عُمانية “نتائج إيجابية”، إلا أنَّها فشلت في نهاية الأمر في تسوية الصراع القائم باليمن جراء إصرار الحوثيين على الشرط المتعلق بدفع جميع رواتب المدنيين والعسكريين بمناطق سيطرتها من عائدات النفط والغاز بالمناطق المحررة، فضلا عن التمسك بمحورية دور الحوثي في المرحلة المقبلة مقارنة بأية قوى سياسية أخرى.
ومع استمرار فشل تحركات المبعوث الأممي لليمن “هانس غرودنبرج”، والمبعوث الأمريكي لليمن “تيم ليندركينج” إلى دول المنطقة من أجل حلحلة الأزمة اليمنية، فمن المتوقع أنْ تواصل الجماعة الحوثية خلال العام 2024، أعمالها التصعيدية بالمنطقة للضغط على قوات التحالف العربي، وخاصة السعودية، لتلبية شروطها، مع التأكيد بأنَّ الحوثيين لن يقبلوا بأي حال التنازل عن أي من المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، بل سيسعوا لضم المزيد منها خاصة الغنية بالثروات النفطية.
أما الصراع السوري، فما زالت حالة الجمود السياسي بين الأطراف المتصارعة تخيم على المشهد في البلد الذي يعاني من أزمات على الأصعدة كافة؛ السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية، هو ما دفع الآلاف من المواطنين بمحافظة السويداء جنوبي سوريا في منتصف سبتمبر 2023، للخروج في احتجاجات مناهضة للنظام السوري، ورافعين شعارات تطالب برحيل “نظام الأسد”، على نحو أعاد إلى الأذهان مشاهد 2011 التي لا تنسى. ورغم خفوت التصعيد المسلح بين طرفي النزاع في سوريا إلا أنَّ الحديث عن عملية تسوية سياسية لم يأذن بعد نظرًا لكون النظام السوري يعتبر أنَّ المعارضة قوى عميلة للخارج، في حين ترفض المعارضة أن يكون النظام جزءًا من عملية التسوية السياسية.
وقد دفع ذلك بالمبعوث الأممي الخاص إلى سوريا “غير بيدرسون” في مقابلة مع قناة الجزيرة في 19 سبتمبر 2023، للمطالبة بتدخل القوى الكبرى للتوصل لتسوية سياسية للأزمة السورية، قائلًا، “لا بد أن نكون أمناء بأنَّه على مدى 12 عاما من الحرب والنزاع، لم يحالفنا النجاح في معالجة القضايا السياسية للنزاع السوري” مضيفًا: “حتى يتسنى إحراز تقدم نحتاج إلى تعاون القوى الكبرى”.
بيد أنَّ تدخلات القوى الإقليمية والدولية في الأراضي السورية ما تزال مستمرة ضمن عملية “توازنات المصالح المشتركة”، خاصة في ضوء عملية التقارب التركي السوري التي تجرى برعاية روسية، والتي أعلن عنها وزير الخارجية الروسي “سيرجي لافروف” خلال زيارته إلى أنقرة في أبريل 2023، أي قبل شهر من عودة سوريا إلى الجامعة العربية. ويأتي ذلك مع استمرار التحركات الإيرانية داخل الأراضي السورية، عكستها زيارة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي إلى دمشق في مايو 2023، مع الزيارات المتوالية التي يجريها وزير خارجية إيران حسين أمير عبداللهيان إلى الأراضي السورية.
يأتي كل ذلك مع استمرار وجود قوات أمريكية في شمال شرق سوريا، ورغم أنها قوات محدودة إلا أنَّه من المتوقع أن تعزز واشنطن من وجودها بسوريا ليس فقط لدعم حلفاءها من “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، ولكن أيضًا للحفاظ على أمن الحليف الإسرائيلي، خاصة بعد إعلان قوات موالية لإيران في سوريا باستهداف إسرائيل ردًا على انتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهو ما دفع إسرائيل لتعزيز انتشارها على الحدود مع سوريا لمواجهة أي هجمات محتملة. ولعل تعدد أدوار الأطراف الدولية والإقليمية على الساحة السورية جعل هناك اتجاه في الأدبيات يشير إلى ظاهرة “الدول غير العربية في المنطقة العربية” بحكم تعاظم دورها على أصعدة عسكرية واقتصادية وثقافية.
في ضوء ما تقدم، يمكن القول إن عملية التسوية السياسية في هذه البلدان لا زال أمامها المزيد من الوقت، حتى وإن شهد بعضها حالة من تهدئة الصراعات إلا أنَّ الإطار الزمني للتسويات حتى الوصول لحالة من الاستقرار في تلك الدول قد يكون أطول زمناً من دورة الصراع ذاتها، ومن ثم من المتوقع أن تستمر المحاولات الإقليمية والدولية لتسوية الصراعات المزمنة في الإقليم، خلال العام 2024، في حين أنَّ هناك اتجاهات مقاومة لتلك التسوية وخاصة مكاسب المستفيدين من اقتصاديات الصراعات المسلحة العربية، فيما يطلق عليه “أمراء الحرب”.
رابعًا: استدارة ملحوظة.. تبني سياسات التهدئة في التفاعلات البينية الإقليمية
يستند هذا الاتجاه على مسارات التقارب التي شهدها الإقليم خلال العام 2023، والتي من المرجح أن تستمر خلال العام 2024، بتوسيع مجالات التعاون السياسية والاقتصادية بين الأطراف المتصالحة وتوسيع التهدئة وخفض التصعيد بين القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط، إلا أنَّ هذا لا يمنع استمرار “فجـوة الثقـة” بيـن بعـض تلـك الأطراف، ولاستعادتها ينبغي تعزيز العمل المشترك لحلحلة أية قضايا أو خلافات عالقة أو تحديات تشكل ضغطًا على الأمن الوطني والأمن الإقليمي. ولعل إعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران برعاية صينية في مارس 2023، من أبرز الأحداث التي شهدها هذا العام.
ويرجع إبرام الرياض لاتفاق يقضي بإعادة علاقاتها مع طهران بعد سبع سنوات من المقاطعة، إلى نهج “تصفير المشاكل” الذي أولته المملكة في سياساتها الخارجية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، إذ أعادت علاقاتها مع قطر في “قمة العلا” في يناير 2021، كما أعادت تحسين علاقاتها مع تركيا، وهو ما تجلى في زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى أنقرة في يونيو 2022. كذلك، أجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان زيارة للسعودية في يوليو 2023، وصولا إلى إعادة السعودية علاقاتها الدبلوماسية مع كندا في مايو 2023.
وفيما يخص العلاقة بين الإمارات وإيران، فقد عينت الأخيرة، في أبريل 2023، سفيرا لدى الإمارات للمرة الأولى منذ خفض العلاقات بين البلدين عام 2016، وبالنسبة لمصر، هناك عدة إشارات ورسائل إيرانية تشير إلى رغبة إيران في استعادة علاقاتها مع القاهرة، مع الأخذ في الاعتبار أنَّ هناك جملة من القضايا العالقة. كما أنَّ الأردن عملت على اتباع النهج المصري في الاعتماد على سياسة عدم إغلاق جميع قنوات الاتصال مع إيران.
خامسًا: مسارات تقارب.. تزايد الانفتاح العربي على سوريا
يتأسس هذا الاتجاه على قرار جامعة الدول العربية مطلع مايو 2023، بعودة سوريا إلى الجامعة بعد أكثر من 11 عامًا على تعليق عضويتها، ومشاركة الرئيس السوري بشار الأسد في القمة العربية التي انعقدت بالرياض في 19 مايو 2023. ولعل عودة سوريا إلى المحيط العربي كان “متوقعًا”، وهو ما عكسته التحركات التي أجراها عدد من مسؤولي الدول العربية نحو سوريا خلال السنوات الخمس الماضية.
ولقد دفعت عودة سوريا للمحيط العربي، الرئيس “الأسد” إلى تكثيف تحركات نظامه إقليميا ودوليا، كزياراته المستمرة إلى دول الخليج، خاصة الإمارات والسعودية، فضلًا عن تحركاتها الخارجية كزيارته لأول مرة منذ عقدين إلى الصين أواخر سبتمبر 2023، وزيارته إلى روسيا في منتصف مارس 2023. وبعد أيام قليلة من قرار عودة سوريا للجامعة، فقد وجهت الإمارات الدعوة للرئيس السوري لحضور “مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ” (كوب 28)، لتكون أول دعوة له لحضور مؤتمر عالمي منذ اندلاع الحرب السورية في 2011.
ومن اللافت أنَّ النظام السوري سيحتاج خلال العام 2024 إلى الاستجابة لنداءات عدد من دول المنطقة لتحسين الأوضاع في سوريا والمضي قدمًا في عمليات إعادة الإعمار، ومحاولة تحسين العلاقات خاصة مع قطر التي اعترضت على عودة سوريا دون حل الأزمة التي تشهدها البلاد منذ أكثر من 11 عامًا، والاستجابة أيضًا لنداءات الأردن بتعزيز التعاون بين قوات البلدين لوقف عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود، هذا بجانب تعزيز التعاون مع الدول العربية لمواجهة خطر انتقال الإرهاب من سوريا إلى دول المنطقة القريبة جغرافيًا منها.
سادسًا: تباين الانخراط.. ارتباك واشنطن ومحاولات قوى دولية أخرى لملء الفراغ
برزت الولايات المتحدة خلال العام 2023 كـ”حليف غير موثوق” به لدول الإقليم، وذلك بعد حالة الغياب والتأثير المحدود التي خيمت على الولايات المتحدة إزاء عدد من قضايا المنطقة، كالأزمة الليبية واليمنية فضلًا عن سحب واشنطن لعدد من قواتها واحتفاظها بأعداد محدودة في المنطقة، وهو الأمر الذي سمح لقوى دولية أخرى للتدخل لملء الفراغ الأمريكي بالمنطقة. وأفادت بعض التحليلات أنَّ “أنماط تفاعل القوى الدولية مع أزمات وملفات المنطقة، انقسمت إلى ثلاثة أدوار رئيسية هي: “الضامن” في حالة الصين، و”المُوازِن” في حالة روسيا، و”المُرتبِك” في حالة الولايات المتحدة الأمريكية.
إذ نلحظ أنَّ واشنطن وجهت استراتيجيتها خلال الفترة الماضية للعمل في بيئة إقليمية آمنة في آسيا والمحيط الهادئ، وهو ما سمح للصين بالتواجد الناعم في الشرق الأوسط بل واستطاعت حل بعض الخلافات الإقليمية وذلك برعايتها للاتفاق السعودي الإيراني الذي عقد بالعاصمة بكين في مارس 2023. وفي أواخر ديسمبر 2022، زار الرئيس الصيني “شي جين بينج”، العاصمة الرياض، حضر خلالها 3 قمم صينية سعودية، وخليجية، وعربية.
وما زالت روسيا رغم انشغالها بالحرب مع أوكرانيا، إلا أنَّها حريصة على الحفاظ على وجودها بالمنطقة الشرق الأوسط، ومحاولة إحداث أي خرق في الخلافات بين دول الإقليم خاصة التي تتمتع موسكو بنفوذ بها، وهو ما يفسر سبب حرص روسيا على إحداث تقارب بين سوريا وتركيا.
سابعًا: غضب الطبيعة.. مخاطر تصاعد الكوارث الفجائية والتغيرات المناخية على أمن الإقليم
يستند هذا الاتجاه على وقوع زلزل “كهرمان مرعش” في فبراير 2023، بشمال غربي سوريا وجنوب تركيا، مما تسبب في وقوع أعداد كبيرة من الضحايا والمصابين بكلا البلدين، كما أنَّ هذا الزلزال كان له الدور في تزايد الانفتاح على سوريا؛ حيث قدمت دول عربية عدة مساعدات إلى سوريا لمواجهة الزلازل المدمر واستضافت دمشق بعض وزراء الخارجية العرب، فيما اعتبر أنَّ الكوارث الطبيعية أسهمت في تليين مواقف دول عربية تجاه دول عربية وقوى إقليمية.
أيضا كان هناك “إعصار دانيال” الذي ضرب ليبيا في سبتمبر 2023، ونجم عنه انهيار سدين في مدينة درنة التاريخية وتسبب في خسائر بشرية ومادية هائلة، وسلط الضوء على تسبب الحكومتين المتنازعتين في وصول البلد لحالة من “الإهمال السياسي” كان أول ضحاياها المدنيون، وصولًا إلى “زلزال المغرب” الذي وقع مطلع سبتمبر 2023، ونجم عنه آلاف الضحايا ولكن المغرب تعاملت مع هذه الأزمة سريعا ووضعت برنامجًا لإعادة تأهيل المناطق التي ضربها الزلزال، وذلك بميزانية تقدر بـ12 مليار دولار على مدى 5 سنوات.
هذه الأزمات مجتمعة رفعت دعوات إلى دول الإقليم لمطالبتها بإعادة التأهيل من أجل مواجهة الصدمات والكوارث الطبيعية التي لم تؤثر فقط على البنية الداخلية للبلدين التي تتعرض بشدة للكوارث، بل إنَّها قد تؤدي لتغييرات في ديناميات الصراع وتحولات في القوة النسبية، من حيث قيام أحد أطراف النزاع (عادة المتمردين) بتكثيف جهوده العسكرية مستغلا حالة الضعف التي يعانيها الطرف الآخر من أجل حشد الدعم لصالحه.
وناهيك عن المآسي الإنسانية المرتبطة بالصراعات التي تعجل بها هذه الكوارث في بعض الأحيان، فقد ينجم عنها، تزايد ظاهرة الإرهاب وانتشار الجماعات المتطرفة والتنظيمات الإرهابية، حيث تزيد احتمالية نشوب الصراعات المسلحة خاصة في البلدان الأقل نموًا أو التي تشهد بالفعل انقسامًا سياسيًا، وهو الأمر الذي يفرض على دول الإقليم خلال العام 2024، إعادة مناقشة كيفية التعامل مع هذه الكوارث والأزمات بحيث تسبب أقل ضرر ممكن من خلال مراكز للتنبؤ بوقوع الكوارث (الإنذار المبكر) أو التقليل من تأثيراتها في حال حدوثها.
ثامنًا: جغرافيا متحركة.. عودة تصاعد تهديدات الهجرة غير النظامية من شمال إفريقيا إلى جنوب أوروبا
عادت أزمة الهجرة غير النظامية إلى الواجهة بشكل كبير خلال العام 2023، إذ احتلت مساحة كبيرة من اهتمامات عدد من الدول الأوروبية، التي كثفت من تحركاتها نحو بلدان شمال إفريقيا وتحديدًا إلى تونس التي عانت خلال الفترة الأخيرة من تفاقم موجات المهاجرين غير الشرعيين القادمين من دول إفريقيا جنوب الصحراء ومتجيهن نحو أوروبا، التي دفعت بمسؤوليهم لتكثيف تحركاتهم من أجل وضع حد لهذه الظاهرة التي تشكل هاجسا لهم، إذ تتخوف القارة الأوروبية من انتقال متطرفين إلى دولهم عبر الهجرة غير الشرعية ومن ثم تهديد أمنها واستقرارها.
وفي هذا لاسياق، استقبل الرئيس التونسي قيس سعيد أواخر يونيو 2023، كل من: المفوضية الأوروبية “أورسولا فون دير لاين” ورئيسي وزراء هولندا “مارك روته” وإيطاليا “جورجا ميلوني”، الذين قدموا بدورهم عرضًا على الرئيس التونسي يتم بمقتضاه احتواء تونس لأزمة المهاجرين غير النظاميين في مقابل تقديم الاتحاد الأوروبي دعمًا على المستويين السياسي والاقتصادي لتونس، وهو العرض الذي رفضه قيس سعيد قائلًا، “الحل لن يكون على حساب تونس التي لا يمكن أنْ تكون حرس حدود لدولهم وترفض أنْ تكون ممرًا للعبور أو مكانًا للتوطين”.
كما شهدت موريتانيا زيادة في عمليات الهجرة غير النظامية؛ حيث كشف المعهد الوطني للهجرة في دولة الهندوراس إلى ارتفاع سنوي في أعداد المهاجرين الموريتانيين غير النظاميين، من مهاجر واحد عام 2016 إلى حوالي 3703 مهاجر في النصف الأول من عام 2023. كما كشفت السفارة الأمريكية في نواكشوط مطلع نوفمبر 2023، أنَ حرس الحدود في أمريكا أوقف نحو 14 ألف موريتاني عبر الحدود قادمين من المكسيك خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام 2023. وتجدر الإشارة أنَّ تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وارتفاع معدل الفقر والبطالة في موريتانيا هو السبب الرئيسي في تنامي عملية الهجرة.
وبناء على ما تقدم، من المتوقع أنْ تستمر عملية الهجرة غير النظامية خلال العام 2024، مما يؤثر ليس فقط على أمن واستقرار أوروبا، بل ويمتد تأثيرها في المقام الأول على دول المنطقة، الأمر الذي يتطلب إعادة وضع سياسات وخطوات أكثر صرامة للحد من هذه الظاهرة التي ينجم عنها المزيد من المعاناة الإنسانية والوفيات في البحر. وبدلاً من ذلك، سيكون من الأفضل بكثير للدول توفير مسارات آمنة ومنتظمة للهجرة النظامية ومنع الوفيات الحادثة في أوساط المهاجرين لا سيما أنَّ الغالبية منهم يندرجون ضمن فئة الشباب.
تاسعًا: أدوار متباينة.. تأثير المنافذ/المعابر الحدودية في الأزمات الإنسانية
يتأسس هذا الاتجاه بناءً على جملة من المؤشرات توضح كيفية تأثير المعابر والمنافذ الحدودية على العلاقات الداخلية البينية لدول الإقليم، وعلى دور المعابر الحدودية في تفاقم أو احتواء الأزمات الإنسانية، وذلك خلال العام 2023، إذ أنَّ المنظمات الإقليمية والدولية الإنسانية قد وجهت تحذيرات عدة لمخاطر إغلاق المعابر الحدودية بين تركيا وسوريا على تفاقم الأوضاع الإنسانية للسوريين، وذلك بعدما فشل مجلس الأمن الدولي في يونيو 2023، في تجديد التفويض الخاص بمعبر باب الهوى الحدودي بين سوريا وتركيا، والذي يؤمّن المساعدات للسوريين في الجيب، وهو ما دفع رئيس لجنة الإنقاذ الدولية، “ديفيد ميليباند” أواخر يوليو 2023، للقول إن استمرار أزمة المعبر الحدودي ستعرض 4.1 ملايين سوري هناك للخطر.
وعقب تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية على قطاع غزة، وحرص عدد من البلدان الإقليمية والدولية لإيصال مساعدات إغاثية وإنسانية للمدنيين في القطاع، فقد توجهت الأنظار نحو معبر رفح الحدود المصري، لإدخال هذه المساعدات التي شهدت في بعض الأوقات عراقيل عدة جراء تعرض المعبر لقصف من الجانب الإسرائيلي أعاق أحيانا إدخال هذه المساعدات.
ولم يقتصر الحال على المعابر أو المنافذ بل امتد إلى المناطق الحدودية ذات الثروات القاطنة في باطن الأرض؛ فما زال التوتر بشأن ترسيم الحدود البحرية قائما بين إيران وعدد من دول الخليج، إذ تجددت التوترات بين الكويت وإيران في يوليو 2023، بشأن الأحقية على “حقل الدرة” البحري للغاز، وذلك بعدما أبدت إيران استعدادها للتنقيب فيه، كما أنَّ السعودية ارتأت أنَّها والكويت فقط من يملكان حق استغلال الثروات الطبيعية بالمنطقة الحدودية التي يقع بها حقل الدرة، بل ووجهت المملكة دعوة إلى طهران للتفاوض من أجل ترسيم الحدود وفقاً لأحكام القانون الدولي، لوضع حد لأية نزاعات قائمة بين إيران ودول الخليج.
كما عاد ملف الترسيم الحدودي بين العراق والكويت مجددًا إلى الواجهة، وذلك بعد إصدار المحكمة الاتحادية العليا العراقية مطلع سبتمبر 2023 حكمًا يقضي بعدم دستورية قانون التصديق على الاتفاقية الموقعة بين الحكومتين العراقية والكويتية بشأن تنظيم الملاحة البحرية في “خور عبد الله” والذي أكدت الكويت بأنَّه يحتوي على “مغالطات تاريخية”، الأمر الذي أدى إلى زيارات واجتماعات بين مسؤولين من البلدين، أكدت جميعها على الحرص المشترك على علاقات حسن الجوار، وعدم تصعيد الأزمة التي ستؤثر على مسار العلاقات العراقية الكويتية.
ما تقدم يشير إلى أنَّ أزمات الحدود ستظل مستمرة خلال العام 2024، ما لم يتم العمل بين دول الإقليم على ترسيم الحدود محل الخلاف فيما بينهم، والتصدى لمحاولات بعض الكتل السياسية لافتعال أزمات بين دول الإقليم، وصولًا إلى تعزيز الاتفاق بعدم تعريض المعابر الحدودية خاصة في حالة الحروب لأية أعمال قصف أو انتهاكات.
عاشرًا: الوعاء الضاغط .. أثر محوري للأبعاد الاقتصادية على الاستقرار المجتمعي في الشرق الأوسط
يعد الاقتصاد العامل الرئيسي الذي يعزز العلاقات بين الدول العربية من جهة، كما يشكل النمو الاقتصادي اتجاهًا يمكن البناء عليه لتحديد مدى الاستقرار الاجتماعي والسياسي في هذه البلدان، والعكس، إذ يؤثر تدهور الاقتصاد سلبًا على حالة الاستقرار المجتمعي، خاصة إذ كانت الأزمات متعلقة بالمياه والغاز والكهرباء والديون التي تدفع الدول لممارسة “سياسة التقشف”. وخلال العام 2023، تصاعدات قضية الديون في بعض بلدان الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ولازال لبنان يعاني من واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخه بعدما تخلّف عن سداد ديونه في العام 2020، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بهذا البلد. ودفعت أزمة الديون بعض بلدان المنطقة إلى اتباع “سياسة تقشفية”. كما تظل إيران معرضة لحدوث موجة احتجاجات جديدة بسبب تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية. إضافة إلى أنَّ العقوبات الأمريكية المفروضة على إيران لا زالت تخيم على المشهد السياسي والاقتصادي بهذا البلد، وذلك بعدما أدت للانهيار الاقتصادي وتراجع قيمة العملة المحلية.
خلاصة القول، إنَّ عام 2024 سيمثل امتدادًا لمجموعة من التطورات التي شهدها إقليم الشرق الأوسط خلال العام 2023، لا سيما مع استمرار التأثيرات الإقليمية للحرب الإسرائيلية على غزة وعرقلة محاولات أمريكية للتطبيع بين إسرائيل ودول عربية، وانفتاح عدد من الدول العربية على سوريا لموازنة علاقاتها مع إيران، بجانب محاولات صينية وروسية للانخراط في تفاعلات الإقليم بعد انسحاب متدرج لواشنطن وضبابية موقفها بعدد من أزمات الإقليم، فضلا عن استمرار جمود تسوية الصراعات في عدد من البلدان العربية المأزومة، كما ستكون الأزمات الاقتصادية الممتدة أحد محاور التفاعلات الإقليمية خلال العام 2024.