رفت مصر طوال تاريخها بأنها مقصدٌ للسائحين والجوالة منذ زارَها “هيرودوت” في التاريخ القديم مُسجِّلاً اندهاشه من اختلافها الشاسع عن بلاده وظلت كذلك طوال تاريخها الوسيط والحديث، غير أن اكتشاف آثارِ الفراعنةِ قد أضاف سحرًا خاصا إليها بجانب ما بها من آثار دينيةٍ وحضاريةٍ فريدة، إضافة إلى ما تتمتع به من موقعٍ جغْرافىّ يتوسطُ العالم ومناخٍ معتدلٍ صيفاً وشتاءً، وسواحلٍ سهلةٍ ممتدة ، ومن ثمَّ عَرَفت مصر تنوُّعًا واضحًا في منتجها السياحي.
على الرغم من تعددِ أنواع السياحة وامتلاك مصر لمقومات العديد منها .. تظل السياحة الثقافية هى النوع غير القابل للمنافسة نظرا لما تمتلكه مصر حيث يوجد بها ثلث الآثار المعروفة فى العالم أجمع.
وإلى جانب السياحة الثقافية والأثرية ظهرت إلى الوجود أنماطٌ سياحيةٌ جديدة أصبحت تخاطب شرائح أوسع من السائحين عبر العالم منها السياحة الترفيهية وسياحة الشواطئ، والسياحة الدينية، والسياحة العلاجية ، والسياحة البيئية، والسياحة الرياضية وسياحة الجولف، وسياحة السفاري والسياحة الصحراوية وسياحة اليخوت ، بالإضافة إلى سياحة المهرجانات والمؤتمرات والمعارض.
هذا إلى جانب ” سياحة مراكز الغوص” والتي تمثل اليوم نشاطا سياحيا يلقى رواجا كبيرًا ، وتعد مدينة شرم الشيخ من أكبر مراكز الغوص في العالم وتتمتع بإمكانيات بيئية وطبيعية فريدة ومتنوعة مما يجعلها أحد أهم المراكز الرئيسية لجذب السياحة الدولية والداخلية ، كما انتعشت ” سياحة بيوت الأجازات ” التى استحدثتها مصر حيث يتيح هذا النمط الجديد من السياحة لغير المصريين حق التملك والانتفاع بوحدات صغيرة للإقامة في بعض المناطق العمرانية الجديدة وكذلك في المناطق السياحية المتميزة في كلٍ من سَيِّدِي عبد الرحمن ، الغردقة ، البحر الأحمر ، ومرسى مطروح.
جهود الدولة للنهوض بقطاع السياحة:
يترافق مع هذه المقومات الهائلة للمنتج السياحي المصري بنيةٌ أساسيةٌ متطورة وحديثة من المرافق والمنشآت ومختلف مستلزمات الخدمات السياحية الراقية تتمثل في مجموعةٍ كبيرةٍ من أفخم الفنادق العالمية إضافة إلى شبكة مواصلات جوية وبرية وبَحَرِيَّة ونهرية متميزة، ومرافق اتصالات، ومراكز إرشاد سياحي تجعل من زيارةِ السائح إلى مصر مهما كان هدفُه ومقصدُه زيارة مفعمة بالمتعة والإثارة والفائدة.
ومع حلولِ عقد التسعينيات بدأت سياسة تنموية جديدة مع صدور القرار الجمهوري رقم 425 لسنة 1992 بإنشاء الهيئة العامة للتنمية السياحية إسهاماً فى تحقيق التنمية السياحية المتكاملة بمساعدة الخبرات الدولية والوطنية المتميزة، ويعد إنشاء هذه الهيئة طفرة كبيرة وفَّرت كافةَ الحوافز والضمانات اللازمة لجذب المستثمرين إلى إنشاء المنتجعات والمطارات والطرق الجديدة في عمق الصحراء وعلى الشواطئ البعيدة.
وفي إطار النهوض بقطاع السياحة أطلقت وزارة السياحة مطلع العام الماضي 2018 برنامج إصلاح هيكلي لتطوير قطاع السياحة لتحقيق تنمية سياحية مستدامة ورفع مستوى القدرة التنافسية للقطاع تتماشى مع الاتجاهات العالمية وصولا إلى زيادة عدد العاملين بالقطاع وتوظيف شخص على الأقل من كل أسرة مصرية في قطاع السياحة والأنشطة المرتبطة بها وزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي.
ارتكز برنامج الإصلاح الهيكلي لتطوير قطاع السياحة على خمسة محاور شملت “الإصلاح المؤسسي” و”التشريعي” و”تطوير البنية التحتية والاستثمار” و”الترويج والتنشيط” و”مواكبة الاتجاهات الحديثة عالميا ” .
صاغ البرنامج رؤية موحدة لقطاع السياحة – الذي يمثل أكثر من 15 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي – بالتعاون مع كافة الجهات الحكومية المعنية والقطاع الخاص، وهو ما انعكس إيجابيا على إيرادات قطاع السياحة المصري والتي حققت أعلى إيرادات في تاريخها خلال العام المالي الماضي 2018 -2019 مسجلة نحو 12.6 مليار دولار.
نشرت الوزارة في سبتمبر 2019 أول تقرير متابعة لتنفيذ برنامج الإصلاح الهيكلي لقطاع السياحية، والذي أظهر إنجاز العديد من أهداف البرنامج أبرزها الاستثمار في العنصر البشري ورفع كفاءة العاملين بالقطاع وزيادة القدرة التنافسية لقطاع السياحة المصري عالميا حيث حققت مصر رابع أعلى نمو في الأداء عالميا في مؤشر تنافسية السياحة والسفر وفقا لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي للتنافسية، وجائزة الريادة الدولية للمساهمة الفعالة في صناعة السياحة العالمية من بورصة لندن، كما تصدرت مصر المقاصد السياحية في أفريقيا لأول مرة منذ عام 2013 من مؤسسة بلوم كونسلتنج.