أدوات، وأهداف كل من السياسة المالية والنقدية؛ مما كان له دور كبير في تغيُر نظرة الدول إلى السياسة النقدية والمالية(إبراهيم، 2015).

رغم أن السياسة النقدية تعد من السياسات الرئيسية في تحقيق النمو والاستقرار، إلا أنها تختلف من حيث التطبيق من دولة إلىأُخرى وذلك بحسب متغيرات كل دولة؛إذ أن نظرة الدول النامية للسياسة النقدية تختلف عن نظرة الدول المتقدمة من حيث الأهداف، فالدول المتقدمة ترى أن هدف السياسة النقدية الأساسي هو تحقيق الاستقرار النقدي وتخفيض معدلات التضخم، أما الدول النامية فترى أن هدف السياسة النقدية أبعد من ذلك؛إذ تهدف من خلالها إلى تحقيق النمو الاقتصادي، والاستقرار النقدي، وتخفيض مستويات البطالة، واستقرار أسواق صرف العملات.علاوة على ذلك، فإن السياسة المالية تحتل مكانة هامة بين السياسات الأُخرى؛ لأنها تستطيع أن تقوم بالدور الأعظم في تحقيق الأهداف المتعددة التي ينشدها الاقتصاد الوطني، وذلك بفضل أدواتها المتعددة التي تعد من أهم أدوات الإدارة الاقتصادية في تحقيق التنمية الاقتصادية والقضاء على المشاكل التي تعوق الاستقرار الاقتصادي (وليد، 2014).

كما هو معروف أن الأوضاع الاقتصادية تختلف من دولة لأخرى حسب النظم الاقتصادية والسياسية السائدة في كل دولة، وبالتالي لا يمكن أن تُقدم دراسة واحدة تكون صالحة لكل تلك النظم، وبناء على ما سبق ذكره فسيتم تطبيق الدراسة على مصر وفيما يخص الإطار الزمنى فستمتد فترة الدراسة لتشمل الفترة(1991-2013) حيث البيانات المستخدمة سنوية متمثلة في 22 مشاهدة.لذلك تعتمد الدراسة على المنهج الوصفي التحليلي للحالة المصرية والمنهج القياسي الكمي؛ من أجل الوصول لطبيعة العلاقة بين متغيرات السياسة المالية، والسياسة النقدية، والنمو الاقتصادي مُعبْراً عنه بالناتج المحلي الإجمالي في جمهورية مصر العربية، وذلك باستخدام أدوات التحليل الكمي بتوظيف أدوات تحليل السلاسل الزمنية، وقامت الدراسة باستخدام اختبار سكون السلاسل الزمنية من خلال testunit root، ومتجه الانحدار الذاتي VAR، واختبار التكامل المتناظر Co-integration باستخدام اختبار جوهانسون.

ترجع أهمية البحث إلى أن الموضوع الذي يتناوله يُلقي أهمية كبيرة على النمو الاقتصادي في مصر في ظل تطور هيكل السياسة المالية والنقدية خلال فترة الدراسة،وسيتم دراسة النمو الاقتصادي مُعبْراً عنه بالناتج المحلي الإجمالي من خلال التركيز على جانبين أساسيين للسياسة المالية وهما (الإنفاقالعام، والإيراداتالعامة)، وجانبين للسياسة النقدية وهما (حجم الائتمان المحلي الممنوح للقطاع الخاص،والمعروض النقديM1).إن لكل متغير كما سنرى في مراجعةالأدبيات كان له تأثير على النمو الاقتصادي حيث كان تتدرس النمو من جانب واحدفقط ، وبالتالي وجدت الحاجة لمعرفة أي تلك المغيرات أكثرتأثيراً على النمو الاقتصادي في حالة الاقتصاد المصري. كما أن موضوع النمو الاقتصادي يعكس مدى قوة اقتصاد الدولة فتكون الدولة أكثرجذباً للاستثمار الأجنبي كلما كان معدل النمو الاقتصادي بها أفضل؛ حيث يدل ذلك على وجود حالة من الاتزان والانتعاش في الاقتصاد.

تستمد السياسة المالية أهميتها من أدواتها حيث أن النفقات العامة تؤثر في النشاط الاقتصادي الوطني، فهي تؤثر على الاستهلاك،والادخار، والاستثمار، والإيرادات تمثل الموارد التي تحصل عليها الدولة لتقوم بتغطية نفقاتها وكلما زادت إيرادات الدولة واستثمارها زاد النمو الاقتصادي في الدولة. كما تسعى السياسة النقدية لتحقيق الاستقرار، والنموالاقتصادي،والاستقرار في المستوى العام للأسعار من خلال التحكم في أدوات السياسة النقدية المتمثلة فيالمعروضالنقدي،والائتمان المحلي الممنوح للقطاع الخاص، والأدوات الأخرى،كما تلعب دور هام في علاج التضخم(كمال، 2010).

تهدفالدراسة إلى اختبار ما إذا كان لمكونات السياسة المالية والسياسة النقديةأثر على معدل النمو الاقتصادي، وبالتالي توجيه صانع القرار في مصر بأي مكون في السياسة المالية والنقدية له تأثيرأكبر على النمو الاقتصادي، وأي السياسيتين له تأثيرأكبر على معدلات النمو الاقتصادي. وتهدف الدراسة للإجابة على الإشكالية التالية:

ما هو أثرمكونات السياسة المالية والسياسة النقدية على معدل النمو الاقتصادي في الأجل القصير والأجل الطويل؟ وما هو طبيعة ذلك الأثرفي حالة الاقتصاد المصري؟ ويشتق من هذا السؤال الرئيسي أسئلة فرعية أخرى تدور وتتمحورالدراسة حولها لتحليلها والإجابة عليها وتتمثل الأسئلة الفرعيةفي:

ما هو مدى تأثيرالإيرادات العامة على النمو الاقتصادي؟
هل للإنفاق العام تأثير كبيرعلى النمو الاقتصادي؟
كيف يؤثرالمعروض النقديعلى النمو الاقتصادي؟
ما هي طبيعة تأثير الائتمان المحلي الممنوح للقطاع الخاص على النمو الاقتصادي؟

تقسيم الدراسة:

الفصل الأول: الإطار النظري للعلاقة بين كل من السياسة المالية والنقدية والنمو الاقتصادي

المبحث الأول: السياسة المالية
المبحث الثاني:السياسة النقدية
المبحث الثالث: الإطار النظري والتطبيقي لأثر السياسة المالية والنقدية على النمو الاقتصادي

الفصل الثاني: هيكل السياسة المالية والسياسة النقدية والنمو الاقتصاديفي جمهورية مصر العربية خلال الفترة (1991-2013)

المبحث الأول:هيكل السياسة المالية في مصر خلال الفترة (1991-2013)
المبحث الثاني: هيكل السياسة النقدية في مصر خلال الفترة (1991-2013)

الفصل الثالث: أثر مكونات السياسة المالية والسياسة النقدية على النمو الاقتصادي في جمهورية مصر خلال الفترة (1991-2013)

المبحث الأول:المنهجية المتبعة
المبحث الثاني:دراسة أثر مكونات السياسة المالية والسياسة النقدية على النمو الاقتصادي في جمهورية مصر في الأجل القصيروالأجل الطويل (1991 -2013)

الفصل الأول : الإطار النظري للعلاقة بين كل من السياسة المالية والنقدية والنمو الاقتصادي

يعد تأثير السياسات الاقتصادية في النشاط الاقتصادي من المواضيع الهامة في التحليل الاقتصادي الكلي والتي لا تزال محل الجدل؛ في حين يرى مؤيدو المدرسة النقدية أن السياسة النقدية هي الأكثر فاعلية، فإن مؤيدي المدرسة الكينزية يأكدون على أهمية السياسة المالية في تحقيق النمو الاقتصادي. لكي تحقق الدولة مجموعة من الأهداف الاقتصادية منها زيادة معدل النمو الاقتصادي، أو الوصول للتوظيف الكامل فإنها تتبع سياسة اقتصادية تعتمد على هيكل اقتصاد الدولة ودرجة تطوره،كما ترتبط السياسات المالية والنقدية ارتباطاً كبيراً وتعزز بعضها البعض في معظم الأحيان، فصحة السياسة المالية تؤثر على السياسة النقدية والعكس صحيح(الهيتي وأيوب، 2012).لكن هناك اختلاف كبير بين السياستين خصوصاً فيما يتعلق بالأهداف والمسؤوليات والسياسات المتبعة في كلاً منهاوالتي سنتطرق لها في المبحث الأول والثاني.

المبحث الأول: السياسة المالية

نادى صندوق النقد الدولي لتبني سياسات الإصلاح؛ وذلك لمواجهة الاختلالات التي تعرضت لها اقتصاديات الدول النامية خلال فترة التسعينات في القرن الماضي، وبرز دور السياسة المالية بين مختلف السياسات الاقتصادية وحاول الاقتصاديون حل المشكلات التي تعوق تحقيق الاستقرار الاقتصادي، ومن أبرز المدارس التي دعمت دور السياسة المالية أكثر من السياسة النقدية هي المدرسة الكينزية حيث الأدوات العديدة لتلك السياسة المالية ومن أبرزها التأثير على الإنفاق الحكومي والضرائب والذييؤثر بدوره على جانب الطلب الكلي(حمزة وفاتح، 2014)، وسيتناول هذا المبحث مفهوم السياسة المالية وأهدافها وأدواتها.

أولاً: مفهوم السياسة المالية

هناك أكثر من تعريف للسياسة المالية وذلك وفقاً لوجهات نظر المفكرين والاقتصاديين وأحد تعريفات السياسة المالية “هي ذلك الجزء من سياسة الدولة الذي يتعلق بتحقيق إيرادات الدولة عن طريق الضرائب وغيرها من الوسائل بتقرير مستوى ونمط إنفاق هذه الإيرادات، ثم إن الحكومة عن طريق هذه السياسة تستطيع أن تؤثر على مستوى الطلب الكلي لهذه الدولة وبالتالي على مستوى النشاط الاقتصادي” (غدير، 2010).

ثانياً: أهداف السياسة المالية

إن السياسة المالية جزء هام من السياسة الاقتصادية التي تعد من أهم أهدافها هو تحقيق النمو الاقتصادي، والوصول لمستوى التشغيل الكامل، والحفاظ على استقرار الأسعار، وتحقيق العدالة الاجتماعية، والتوازن في ميزان المدفوعات. وأهداف السياسة المالية تتمثل في التالي:

التنمية الاقتصادية

إن التنمية هي أساس النمو ولكن لا تضمن وحدها تحقيق النمو؛ حيث أن النمو يعنى إنتاج

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG