لتي تتبع الاقتصاد الموجه (المخطط) (نظام اشتراكي)، في أغلب شؤونه أيضاً كالاتحاد السوفيتي السابق، هناك عدة من الانظمة المختلطة بين النظامين او هذين النمطين.
النماذج المثالية والاشكال المختلطة
تُدار عمليات الانتاج في اقتصاد السوق الحر لامركزيا، ويحدد نوع الانتاج وحجمه بشكل اساسي طبقاً لمعطيات السوق، اذ يتم تنسيق شؤون القرار في الكثير من أمور العرض والطلب عبر آلية الاسعار، ومن المفترض أن يؤدي السلوك الفردي لكل من العاملين في السوق والهادف الى المصلحة الخاصة لكل منهم عن طريق المنافسة الحرة الى الصالح العام للمجتمع. وعلى العكس من اقتصاد السوق الحر فأن هيئة التخطيط المركزية (القيادة العليا) في الاقتصاد الموجه، تدير بناءاً على الاهداف العامة التي تحددها قيادة الدولة في الاقتصاد الوطني بكاملة تبعاً للخطط الحكومية المركزية.
وتطلق صفة النموذج المختلط بالمعنى الضيق للكلمة على اقتصادات السوق المشتركة والتي نشأت عندما أظهر الواقع العلمي للاقتصاد الموجه المركزي في الدول الاشتراكية سلبيات كثيرة بالمقارنة مع أنظمة اقتصاد السوق، وقد نشأت أنظمة الاقتصاد المختلط كنتيجة لمحاولات تعديل نقاط ضعف أنظمة الاقتصاد الموجه، دون أن يكون لذلك أثر على النظام السياسي، وعلى أية حال فقد فشلت تلك الاشكال المختلطة حتى إن الدول التي سارت على هذا النهج اضطرت للبدء بعملية الانتقال الى انظمة اقتصاد السوق، كما اننا نفهم تحت الشكل او النموذج المختلط بالمعنى الواسع للكلمة كل نظام اقتصادي يتبنى مفاهيم من كلا النظامين الاقتصاديين المثاليين.
أشكال مختلطة من تاريخ الانظمة الاقتصادية
إن غالبية وسائل الانتاج في اقتصاد السوق الاشتراكي ليست ملكاً خاصاً، ويتم تنسيق العملية الاقتصادية لا مركزياً عبر السوق حيث يكون التوجيه البنيوي الاقتصادي الحكومي متفاوت الدرجة، وبناءاً على نظام الملكية المطبق وما يترتب عليه من تبعات فيما يتعلق بمضمون السياسة الاقتصادية الحكومية وحجمها، يتم التمييز بين اقتصاد سوق ذو صبغة اقتصادية حكومية تكون فيه وسائل الانتاج ملكاً للدولة مثل (هنغاريا حتى اواخر الثمانينات والصين خلال أعوام الثمانينات)، وبين اقتصاد السوق الاشتراكي ذو الادارة الذاتية حيث تكون وسائل الانتاج ملكاً للشركات مثل (يوغسلافيا حتى اواخر أعوام الثمانينات).
تغلب ملكية الدولة لوسائل الانتاج في اقتصاد السوق ذو الصبغة الاقتصادية الحكومية، فمن جهة نجد أن الدولة تخطط عمليات الاقتصاد الكلية وتديرها مركزياً ونجد من ناحية أخرى في عمليات الاقتصاد الجزئي (اي الذي يهتم بسلوك الافراد والمشروعات)، أن المشروعات تخطط من قبل الافراد وليس بشكل مركزي لنشاطاتها الاقتصادية والتي تنسق لاحقاً عبر السوق، وفي اقتصاد السوق الاشتراكي ذو الادارة الذاتية (اللامركزية)، نجد ملكية وسائل الانتاج تعود الى الشركات المختلفة بشكل أساسي، فلا الدولة ولا الافراد يستطيعون تملك وسائل الانتاج، وهذا يعني عملياً ان ملكية الشركة هي ملكية مجموعة من العاملين فيها، ولهم الحق بالبت في الاستفادة منها وتوجيه ذلك في نطاق مايسمى بـ (الادارة الذاتية للعمال)، وهكذا فأن عمليات الانتاج والتوزيع تخطط وتوجه لا مركزياً من الشركات والاقتصادات المنزلية عبر أسواق المنافسة ومع حرية في تكوين وتشكيل الاسعار.
نماذج مختلطة جديدة
لقد أخفقت الاشكال المختلطة بالمعنى الضيق للكلمة في اثبات وجودها، لأنها كالاقتصادات الموجهة مركزياً على سبيل المثال لم تستطع أن تثبت فاعليتها، ولكن النموذج المثالي لاقتصاد السوق الحر يُظهر ايضاً بعض نقاط الضعف التي تجري محاولة تعديلها او تسويتها في انظمة اقتصاد السوق الواقعية، وهكذا وبهذا المعنى فأن النظام الاقتصادي في المانيا أي (اقتصاد السوق الاجتماعي)، يعد نموذجاً مختلطاً، اذ وعلى سبيل المثال فأن النمو الاقتصادي في اقتصاد السوق قد يؤدي الى توزيع غير متوازن للدخول والثروات، لذا فأن اقتصاد السوق الاجتماعي يحاول أن يخفف من حدة المشاكل الاجتماعية التي تنشأ نتيجة العمليات الاقتصادية التي تترك وشأنها وتؤدي للاضرار ببعض شرائح المجتمع باعادة توزيع الدخول، كما ان هناك بعض المظاهر الواقعية للاقتصاد السوق والتي ظهرت او لا تزال قائمة مثل (النموذج الفرنسي للاقتصاد الموجه والمتكامل مع التخطيط بالخطوط الكبرى او العريضة)، وهناك أيضاً (النموذ السويدي)، الذي يؤكد على هدف الوصول الى العمالة الكاملة والضمان الاجتماعي، ثم أخيراً (النموذج الاميركي) المتميز برفع القيود عن الاقتصاد بشكل كبير.