مة تفاقم الديون، إلا استشعارا للخطر الذي يهدد البلاد؛ جراء أزمة اقتصادية عاصفة تكالبت عليها نتيجة عدة عوامل، كان آخرها الحرب الروسية الأوكرانية.

الأمر لا يقتصر على الديون، رغم أنها الأزمة الأكبر، إلا أن التضخم بات يتسع شهرا بعد آخر، والعملة المصرية (الجنيه) في تدهور مستمر، في ظل غياب الاستثمار، وتراجع إيرادات السياحة وتحويلات المصريين في الخارج، وهما مصدران رئيسيان للدولار في البلاد.

كل هذا أثر على حياة المواطنين؛ حيث تراجع مستوى معيشتهم بشكل ملحوظ، ما دفع “عمرو موسى” الأمين العام لجامعة الدول العربية وزير خارجية مصر الأسبق للتصريح علنا بأن “هناك قلقا عاما وحالة تشاؤم في مصر”، مشددا على أهمية علاج “حالة الاكتئاب” السائدة فورا.

أيضا، دفعت هذه الظروف الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي” نفسه للاعتراف بوجود أزمة، موجها الحكومة إلى تنظيم مؤتمر اقتصادي، نهاية الشهر الجاري، يضم المتخصصين وأصحاب الرأي المخالف.

وأرجع “السيسي” الأزمة الاقتصادية وارتفاع معدل الديون إلى الأحداث السياسية خلال السنوات الماضية، وطالب المصريين بتحمل المسؤولية؛ لأنهم السبب بعدما خرجوا لتغيير الحكم في عامي 2011 و2013، وفق قوله.

اقرأ أيضاً

مصر.. الأزمة الاقتصادية وحتمية الاصلاح السياسي

إلا أن الحقيقة تخالف ذلك؛ حيث أن مصر تعد من بين أكثر الدول التي اعتمدت على الاستدانة خلال السنوات الماضية؛ بهدف سد العجز في موازين المدفوعات وتمويل المشاريع الضخمة في مجال الطاقة والسكك الحديدية والعاصمة الجديدة.

وقد شكلت قروض صندوق النقد الدولي وإيرادات بيع الأذون والسندات الحكومية مصادر أساسية لذلك، فقد قدم لها الصندوق لوحده على سبيل المثال 20 مليار دولار خلال الفترة المذكورة.

ومع ارتفاع تكاليف استيراد الأغذية والمواد الأولية ومصادر الطاقة بسبب “كورونا” والحرب في أوكرانيا، تراكمت الديون الخارجية أكثر فأكثر لتتجاوز 157 مليار دولار، بعدما شهدت في نهاية مارس/آذار 2022 ارتفاعا بنحو 19.9 مليار دولار مقارنة بنهاية يونيو/حزيران 2021، في حين بلغ إجمالي الودائع لدى البنك المركزي 14.9 مليار دولار.

وتتوقع تقارير دولية أن يصل مجموع الديون الخارجية والداخلية هذه السنة إلى نحو 94% من الناتج المحلي الإجمالي الذي يزيد على 400 مليار دولار؛ ما يضعها في أعلى مستوياتها منذ عام 2013، الأمر الذي عزز إضعاف العملة المحلية (الدولار يتخطى 19 جنيها) منذ الخفض المفاجئ لقيمتها عام 2016، وسط مؤشرات حول تخفيض تدريجي جديد.

يشار إلى أن الجنيه المصري سجل أدنى مستوياته على الإطلاق، مقتربا من مستوى 20 جنيهاً للدولار الواحد، فيما كان الدولار عند مستوى 7 إلى 8 جنيهات قبل بدء مشوار “التعويم” في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

اقرأ أيضاً

10 مقترحات لتجنيب مصر فخ تعثر سداد الديون

وانخفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بنسبة تجاوزت 20% منذ مارس/آذار الماضي، وسجّل 19.28 جنيهًا للشراء، و19.38 جنيهًا للبيع، في البنك المركزي المصري.

ووفق كالة “بلومبرج”، فإن مصر أصبحت في المركز الخامس على قائمة الدول المعرضة للتخلف عن سداد ديونها، وذلك بعد السلفادور وغانا وتونس وباكستان.

وعبر نشرته الإحصائية الشهرية الصادرة في يوليو/تموز الماضي، عزا البنك المركزي المصري الزيادة في الدين الخارجي إلى ارتفاع صافي المستخدم من القروض والتسهيلات بنحو 22.2 مليار دولار، إضافة إلى تراجع أسعار العملات المقترض بها أمام الدولار بنحو 2.3 مليار دولار.

وفي حين تصف وكالات التصنيف الدولية ديون مصر “بالكارثية”، يتحدث وزير المالية المصري “محمد معيط” عن قوة اقتصاد بلاده رغم كل التحديات، منتقدا صدور نحو 150 تقريرا سلبيا عن أوضاع الاقتصاد المصري.

وفي أبريل/نيسان الماضي، ذكرت وكالة “ستاندرد آند بورز” الأمريكية أن مصر تستحوذ على نسبة تقدر بـ0.6% من إجمالي الديون في العالم، مشيرة إلى أنها نسبة مرتفعة إذا قورنت بالعديد من الدول المماثلة، أو إذا قورنت بالاقتصادات الناشئة.

وفي مايو/أيار، للمرة الأولى منذ عقد من الزمن، خفضت وكالة “موديز” نظرتها المستقبلية لمصر من “مستقرة” إلى “سلبية”، محذرة من أن “البلاد لا تزال معرضة للخطر”.

اقرأ أيضاً

لبحث أزمة الديون.. حزب مصري

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG