لطلاب، وكان الممتع في هذه الفيديوهات هو محاولتها ربط المحتوى العلمي الجامد لمادة الرياضيات بأمثلة حياتية واقعية.
وفي الخطوة التالية، قام خالد بتصميم اختبار باستخدام تطبيق كاهوت KAHOOT، والذي قام الطلاب في وقت سابق بتنزيله على جوالاتهم، والذي تكون اختباراته على هيئة تنافس بين الطلاب يتطلب الإجابة في أسرع وقت وبشكل صحيح على أكبر عدد من الأسئلة لنيل جائزة المسابقة.
تم إعلان فوز الطالب بيتر بالمركز الأول والذي اقترح مشاركة فيديوهات الدرس وأسئلة الاختبار وإجاباتها عبر google drive، وكذلك اقترح على معلمه إنشاء مجموعة على الواتساب يستطيع من خلالها طلاب الصف التناقش والتشاور فيما بينهم حول الأسئلة المتعلقة بدرس اليوم على أن يكون المعلم خالد هو المشرف admin على المجموعة بمعية أحد الطلاب. وقد تم اختيار الطالب بيتر لهذا الدور.
اقترح احد الطلاب تصميم وإنشاء مدونة خاصة بالصف، يستطيع من خلالها المعلم و طلابه مشاركة الإنجازات الصفية والفيديوهات، وخاصة تلك التي يقوم المعلم فيها بشرح بعض نقاط الدرس وأمثلة تطبيقية عليه ضمن تطبيقه لاستراتيجية الصف المقلوب Flipped Classroom، وكذلك بعض الأسئلة الاختبارية من وإلى طلاب الصف، بالإضافة إلى التغذية الراجعة والتأمل الذاتي اللذان يظهران من خلال تعليقات المعلم والطلاب على صفحة المدونة.
بعد فترة، لاحظ خالد أن استخدامه لأدوات الويب Web tools والتكنولوجيا داخل الصف بشكل منتظم قد ساهم بشكل ملحوظ في زيادة دافعية الطلاب نحو التعلم وارتفاع المستوى الأكاديمي والتفاعل الصفي بالإضافة إلى تطور مهارات التقويم والتأمل الذاتي أو ما يطلق عليه مهارات ما وراء المعرفة Metacognitive Skills.
المثال السابق هو مجرد توضيح لكيفية وتأثير استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الممارسات الصفية والتي يتجه العالم نحوها بشكل خاص ضمن التحول الرقمي الذي تعرفه كافة المجالات. وفي هذا السياق، سيتناول هذا المقال بعض المفاهيم والتعريفات الخاصة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات واختلاف رؤى النظريات التربوية وخاصة الموضوعية والبنائية في تناول هذا المفهوم وأثر تطبيق هذه التكنولوجيا في تطور عمليتي التعليم والتعلم بناء على معايير وكفايات القرن الواحد والعشرين، ومزايا وعيوب التطبيق والشروط الواجب توافرها لضمان الفاعلية، ثم سيتطرق المقال إلى نموذجين من النماذج التقنية الأكثر شيوعا، كمثالين من أمثلة دمج التقنية بالتعليم، وهما نموذجا TPACK و SAMR.
أولا: ما مفهوم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ؟
تعددت التعريفات لهذا المفهوم والتي جاء بعضها متناسبا مع الفترة الزمنية التي نشأ فيها التعريف. ومن التعريفات التي تناولت المفهوم بشكل تقليدي: تعريف الأمم المتحدة (1999)، والذي نص على كون الـ ICT تشمل خدمات الإنترنت ومعدات وخدمات الاتصالات السلكية واللاسلكية ومعدات وخدمات تكنولوجيا المعلومات ووسائط الإعلام والإذاعة والمكتبات ومراكز التوثيق ومزودات المعلومات التجارية وخدمات المعلومات المبنية على الشبكات، وغير ذلك من أنشطة المعلومات والاتصالات ذات الصلة (Noor-ul-Amin, 2013a).
بينما جاءت بعض التعريفات الأخرى لشرح التصور الحديث حول المفهوم والعمليات المعلوماتية التي يتضمنها، ومنها تعريف اليونسكو (Meleiseia et al., 2007)، الذي اعتبر أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هي أحد أشكال التكنولوجيا التي يمكن استخدامها في عمليات تكوين المعلومات ومعالجتها وتخزينها ونقلها وعرضها ومشاركتها وتبادلها بالوسائل التقنية المختلفة. ولا تشتمل هذه التكنولوجيا فقط على الأدوات التقنية التقليدية مثل الراديو والتلفاز، وإنما أيضا على الأجهزة الحديثة مثل الهواتف الخلوية والحواسيب والشبكات والبرمجيات (Software) وأنظمة الأقمار الصناعية وغيرها من الوسائل والتقنيات الحديثة، بالإضافة إلى الخدمات والتطبيقات المرتبطة بها مثل Videoconferencing والمدونات، وللمزيد من الاطلاع، يشتمل الجدول التالي على بعض التقنيات التي تندرج تحت فئة تكنولوجبات المعلومات والاتصالات:
تطور ونشاة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات :
نشأت هذه التكنولوجيا وتطورت بشكل متسارع في وقت قصير كانعكاس للتطور الموازي في مجالات العلم والاقتصاد المالي والميدان العسكري، وتمثل هذا التطور التكنولوجي في تصغير أحجام الأدوات التكنولوجية وزيادة سرعة تشغيلها بحيث تستطيع القيام بأعقد العمليات المعلوماتية خلال لحظات معدودة. ويمكن تحديد خمسة مراحل لتطور الـ ICT :
المرحلة الأولى (Phase-1):
ترتبط بدايات هذه المرحلة باختراع الحاسب الكهرومغناطيسي Electromagnetic Calculator أثناء الحرب العالمية الثانية والذي كان يزن حوالي خمسة أطنان، ثم تلاه اختراع الترانزستور عام 1974 والذي أدى إلى نشوء حواسيب أصغر في الحجم وأكثر تعددية في الاستخدامات.
المرحلة الثانية (Phase-2):
ترتبط هذه المرحلة بتطور الحاسوب الشخصي خلال حقبة السبعينات، حيث أنه ومع نشأة وتطور تكنولوجيا الرقائق الإلكترونية وصناعة الأقراص الممغنطة، تحول الحاسوب من ذلك الجهاز الضخم إلى مجرد حاسوب مكتبي شخصي Desktop لديه القدرة على معالجة النصوص والقيام بالعمليات الحسابية المعقدة والرسومات والتصميمات.
المرحلة الثالثة (Phase-3):
ترتبط المرحلة الثالثة لتطور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بتطوير المعالجات الدقيقة Microprocessors، حيث أصبح المعالج الدقيق بمثابة الجهاز متعدد الأغراض القابل للبرمجة ليستقبل البيانات الرقمية كمدخل Input ثم يقوم بمعالجتها وفقًا للتعليمات المخزنة في ذاكرته. ويوفر النتائج كمخرج Output، مما عمل بشكل كبير على تخفيض التكاليف المادية والزمنية لعملية معالجة المعلومات.
المرحلة الرابعة (Phase-4) :
تدور هذه المرحلة حول الشبكات. بدءا من توصيل مجموعة من الحواسيب معا داخل منطقة جغرافية صغيرة لأغراض الدفاع والتعليم وصولا إلى عملية ربط أجهزة الحواسيب معا في جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى نشأة الإنترنت والذي يعد بمثابة التطور الأبرز في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وأدى ذلك إلى كسر حاجز المسافات بين المناطق الجغرافية فأصبح العالم بمثابة قرية واحدة، وكنتيجة لذلك نشأت شبكات التواصل الاجتماعي.
المرحلة الخامسة (Phase-5) :
تعتبر هذه المرحلة بمثابة المرحلة الحالية والتي ترتبط بتطور الشبكات اللاسلكية. وقد بدأت هذه المرحلة باختراع الهاتف المحمول، والذي بدأ كبيرا في الحجم محدودا في الإمكانات إلى أن صار على صورته الحالية المتقدمة الإمكانات والاستخدامات.
ثانيا: بين الموضوعية والبنيوية وتطور دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات
يعتقد العديد من التربويين والأكاديميين أن نشأة مفهوم التكنولوجيا التربوية أدى إلى نشأة نظريات تعلم بديلة (Oliver, 2002)، بحيث لم يقتصرالتحول النوعي على عملية تغيير المفاهيم التقليدية للتعلم، بل امتد أيضا ليشمل التغييرات في بيئات التعلم الإلكتروني بغرض تحسين الأداء في مجالات التعليم والتعلم والإدارة التربوية (Nawaz and Kundi, 2010). ويمكن وصف تلك النقلة النوعية من تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التقليدية إلى التقنيات الحديثة عبر ثلاث مراحل هي:
التعلم الإلكتروني التقليدي (traditional e-Learning)
التعليم الإلكتروني المدمج (Blended Learning)
التعلم الإلكتروني الافتراضي المعاصر (Contemporary virtual e-Learning) (Nawaz, Khan and Miankheil, 2011).
وقد ارتبطت التطورات التكنولوجية في التعليم الإلكتروني بنظريات التعلم مثل السلوكية والموضوعية والبنيوية، وكان الانتقال بينها انتقالا تدريجيا وفق متطلبات التغيير. ولذلك فمن الضروري التعرف على أهم المبادئ العامة لهذه النظريات لمعرفة وتفسير طريقة تناولها لمفهوم التعلم الإلكتروني و طريقة دمج الـICT حيث سيتم التركيز على الموضوعية والبنيوية.
في البداية، اعتقدت النظرية الموضوعية أن جميع مراحل عملية التعلم ومحتواها يمكن التنبؤ بها، بحيث يتعلم الجميع بنفس طريقة التعلم وهي الاستقراء (Induction). وبالمثل، فإن السلوكية ترى بيئة التعلم كما هو الحال في الموضوعية حيث تعطي الأولوية لعلاقة التحفيز والاستجابة في التعلم وتقلل من الدور المعرفي (Young, 2003)، وهو ما يتناسب مع الفلسفة الموضوعية التي قامت على مجموعة من الأسس، منها أن العالم يتكون من مجموعة من الحقائق الثابتة المجردة وأن الحقيقة مشتركة وموجودة على نحو موضوعي مستقل عن الخبرة الذاتية والتفسير الذاتي للفرد، بحيث يقوم الدماغ البشري بالتعامل مع ومعالجة النماذج المجردة بطريقة حاسوبية (Computer-like) بنفس الطريقة والآلية التي تعلمها من الطبيعة تماما، بحيث يكون بمثابة مرآة لها. كما أنها ترسخ فكرة تشجيع الفردية لدى الطلاب واعتبار المعرفة موجودة مسبقا في العالم ويتم اكتسابها بالخبرة.
وبالنظر إلى دور المعلم، فإنه يكمن فقط في عملية نقل المعرفة لعقول الطلاب في ضوء معايير محددة وثابتة للمنتج التعليمي في كل مرحلة من مراحله يتحدد على أساسها مدى الإنجاز (Vrasidas, 2000) وفق منهج خطي (Tyler,1949) يعتمد على محاور ثلاث: المدخلات (Input) – عمليات المعالجة (Process) – المخرجات (Output)، حيث يكون من المتوقع أن يحقق جميع المتعلمين جميع الأهداف التعليمية والسلوكية بنفس الطريقة (Wraga, 2017)، على أن يتم تقويم وتقييم عملية التعليم وفقا للأهداف التعليمية للتحقق من مدى تحققها بشكل فردي لكل متعلم.
بينما تدافع البنائية عن حقيقة أن هذا الواقع، الذي لا يمكن التنبؤ به بشكل إجمالي، لا وجود له بموضوعية، حيث تعتمد الحقيقة على رؤيتنا الخاصة بالعالم، ولهذا تتعدد الحقائق. فقد ادعى Giambattista Vico (الذي تنسب إليه نشأة البنيوية) أن الفرد يمكنه فقط أن يتعلم من الأشياء التي يشيدها بنفسه، وأن المعرفة لا تعبر بالضرورة عن العالم بصورته الحقيقية، وإنما تعبر عن وجهة نظر مشيدها، حيث تنشأ من خلال التأويل والتفسير العقلي الخاص بالفرد عند تعامله مع عناصر هذا العالم متأثرا بثقافة الفرد وخبراته السابقة، ولذا تظل المعرفة نسبية في تعدد طرق الوصول إليها ومحاولة فهمها.
من أبرز أسس البنائية هو اعتبارها المعرفة بناء تراكميا يتم اكتسابه تدريجيا (Wilson, 1997)، وهنا يمكن الفصل بين رؤى كل من المدرسة البنيوية الذاتية والمدرسة البنيوية الاجتماعية، حيث ترى المدرسة الذاتية أن المعرفة تنشأ في عقل الفرد نتيجة قيامه بعملية الاستقصاء التي يعقبها إعادته لترتيب وتشكيل الخبرات العملية والمعرفية بناء على نتائج عملية الاستقصاء البحثي مستفيدا من خبراته ومعارفه السابقة (Von Glasersfeld, 1991)، بينما ترى المدرسة الاجتماعية أن المعرفة تنشأ من خلال التجريب والممارسات العملية في إطار من التفاعل الاجتماعي (Vrasidas, 2000).
ولكن، وبشكل عام، فإن عملية التعلم في المدرسة البنيوية تنشأ اعتمادا على الاستنباط (Deduction) المرتكز على استخدام استراتيجيات التعلم التعاوني واستخدام أدوات التكنولوجيا في التواصل وتبادل المعلومات بحيث يشترك المتعلمون في صياغة الأهداف والوصول إلى تحقيقها بناء على احتياجاتهم وميولهم واحتياجات المجتمع، مع الإيمان المطلق باختلاف قدرات وميول واهتمامات كل طالب. ويمكن أن تتم عملية التقويم والتقييم بشكل فردي وجماعي (Wilson, 1997). وقد لخص Grabinger and Dunlap (1995) النهج البنائي باعتباره نهجًا يوفر “بيئة غنية للتعلم”. ويتميز بخمسة مبادئ:
التقييم الموثوق (authentic assessment): بحيث يقوم التقييم على اختبار مدى تحقق الأهداف التعليمية والمهارات، كما أنه يجب أن يكون واقعيا من حيث مستوى التعقيد ، قادرا على قياس قدرة الطلاب على بلورة الحقائق ، محددا نقاط الضعف والقوة في أداء كل طالب.
مشاركة الطالب في مسئولية التعلم (Student responsibility and initiative)
استراتيجيات تعلم تدعم الاستكشاف وبناء المعرفة (generative learning strategies)
سياقات التعلم تراعي الفروق الفردية للطلاب (authentic learning contexts)
الدعم التعاوني (co-operative support)
وقد ساعد التواصل العالمي الشامل من خلال، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وسهولة الوصول إلى مصادر معرفة متعددة ومتنوعة بعد ظهور الإنترنت بعد فترة التسعينات، على التحرك نحو البنيوية (Wims and Lawler, 2007).
و ارتأت النظريات الحديثة أن التعلم التعاوني هو الأكثر فعالية لتسهيل عمليات التعليم والتعلم في البيئات الرقمية (Phillips et al., 2008) حيث يتم تصميم أنشطة التعلم كأنشطة اجتماعية – معرفية (Bondarouk, 2006) قائمة على التواصل وتبادل الأفكار والمعلومات بجانب مراعاة القدرات والخصوصية الفردية في ضوء المعينات التقليدية مثل البريد الإلكتروني والمحادثات والمعينات الحديثة مثل الويكي الحديث (Modern Wikis) – المدونات (Blogs) – المدونات التي تحتوي على فيديوهات (Video blog (vlog)) – خدمة RSS (Really Simple Syndication)(Klamma et al., 2007) .
ويمكن رصد تأثير النظريات التربوية في رؤية وطريقة التعلم من خلال مناقشة تطور مفهوم التعلم الإلكتروني في ضوء الموضوعية والبنيوية على النحو التالي:
تم بناء أسس التعلم التقليدي القائم على الحاسوب (Traditional- computer based learning) وفقا لمفاهيم وأسس النظرية الموضوعية (Objectivism)، والتي افترضت أن التعلم النشط هو مجرد قيام الطالب بالقراءة ومشاهدة الفيديو أو تشغيل بعض الأدوات الرقمية (Young, 2003) وهو ما يمكن أن نطلق عليه التعلم من الكومبيوتر (Learning from computers) (Mustafa, 2005) باعتبارالطالب مجرد آلة تم برمجتها لتشغيل الأجهزة بشكل مماثل تماما للطريقة التي تعلم بها ذلك. وتتم عملية التعلم من خلال المعلم الذي يزود المتعلم بالمثيرات البيئية المحددة والمطلوبة عبر خطوات مرتبة ومخططة تواكبها استجابات محددة ومتوقعة من الطلاب ضمن نظام تعزيز فعال (Based Learning Stimulus-Response)، على أن تتم عملية التقييم والتقويم (الذي يخاطب في معظمه فردية الطالب) عبر إجراءات ومقاييس واضحة يمكن ملاحظتها ومعدة سلفا مثل الاختبارات القصيرة والمهام / الواجبات اليومية والاختبارات النهائية، والتي لا يخرج محتواها عن كونه مجموعة من الأسئلة متدرجة الصعوبة ذات الإجابات المحددة، والتي يعقبها تقديم المعلم للتغذية الراجعة التي غالبا ما تكون متكررة وإيجابية ومشجعة (Nawaz and Kundi, 2010). ويعتبرالتدريس بمساعدة الكمبيوتر )(Computer Assisted Instruction(CAI)، وأنظمة التعلم المتكاملة (Integrated Learning Systems)، وبرامج التدريب على الاختبارات (Drill-practice Programs)، وأنظمة التدريس المعتمدة على الحاسوب، وبرامج التقييم المحوسبة هي بعض من التقنيات المصممة على أساس نظرية التعلم التقليدية (Jonassen, 2000).
وبالإضافة إلى ذلك، تم استخدام التكنولوجيا كوسيلة من وسائل زيادة دافعية الطلاب نحو التعلم، وفي دراسة قام بها العلماء Ertmer, Addison, Lane, Ross, and Woods (1999) لاستكشاف رؤية عينة من معلمي المرحلة الابتدائية في الولايات المتحدة الأمريكية حول دور التكنولوجيا في عملية التعلم، وجد أن الغالبية من المعلمين يتعامل مع التكنولوجيا على أنها:
حافز أو مكافأة سلوكية للطلاب من أجل تشجعيهم على استكمال الواجبات والمهام وجعل الدرس أكثر تشويقا لهم.
أداة عرض، لتقديم مواد تعليمية إضافية داعمة للمنهج، منها المسموع ومنها المرئي في إطار من التكرار المستمر للمهارات (وهو ما يتوافق مع المنظور الأول لتوظيف الـ ICT في التعليم أي ما يطلق عليه توظيف التكنولوجيا كوسائط متعددة ووسيلة للتواصل السمعي – البصري ((Roblyer, 2016)(Educational technology as media and audiovisual communication)، حيث كان المعلمون يستخدمون التكنولوجيا في أنشطة التدريب على الاختبارات وكأداة عرض تقديمي لتدعيم الدروس، وأحيانا يتم استخدام بعض الألعاب التعليمية باستخدام الأقراص المضغوطة.
أداة إنتاجية لمساعدة الطلاب والعاملين بالمدارس، حيث تم استخدام تطبيقات الكومبيوتر المختلفة مثل برامج معالجة الكلمات (Word Processing Software) وبرنامج إكسيل (Excel Spreadsheets) وأدوات التصميم بمساعدة الكومبيوتر (Computer Aided Design(CAD))، وبرامج التصميم والرسومات (Graphics Packages) (Mustafa, 2005) في إنجاز المشاريع والمهام الإدارية المختلفة.
وبشكل عام، لم تسمح الأدوات المستخدمة في سياق التعلم التقليدي للمتعلم ببناء المعنى الخاص به، وإنما أمدته فقط بتأويل ثابت عن العالم. وكذلك لم يتم تشجيع الطلاب على اكتساب مهارات التأمل والتقييم الذاتي وتقويم ما يتعلمونه لتحديد مدى أهميته وكيفية توظيفه في الحياة الواقعية العملية. فأصبح نتاج التعلم هو مجرد معلومات شفهية لا يستطيع الطلاب تطبيق معظمها (Aqda, Hamidi and Ghorbandordinejad, 2011).
ومع ظهور التكنولوجيات التعاونية (Collaborative technologies)، تم التأكد من عدم قدرة النماذج التعليمية التقليدية على التكيف مع بيئات التعليم والتعلم المعاصرة. وبرزت البنيوية كنظرية تدعم كون التعلم عملية قائمة على تدعيم أولوية التفكير العقلي للفرد والفهم وتطور المعنى بدلا من مجرد حفظ واستذكار المعلومات والحقائق (Brown, Collins and Duguid, 1989)، ومن هنا نشأ التوافق بين اتجاهات التعلم باستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات المعاصرة والبنيوية، حيث وفرت تكنولوجيا المعلومات المعاصرة العديد من الفرص المحفزة لتطبيق مبادئ البنيوية ومنها: توفير البيئات المناسبة والمتنوعة المرتكزة على محورية دور الطالب في عملية التعلم، وكذلك إتاحة العديد من الأدوات المعرفية التي أمكن تكييفها لتدعيم الشراكات الفكرية بين المعلمين والطلاب والتي تساهم في تنمية مهارات التفكير النقدي.
وهنا تكمن قوة البنيوية التي ترى أن التعلم هو عملية تكوين للمعنى مع مراعاة بعدي القدرات الفردية والاهتمام والميول وكذلك البعد الاجتماعي من حيث تنمية مهارات التواصل والمعرفة التكاملية بين أعضاء الفريق والمهارات “ما وراء المعرفية” (metacognition)، والتي تمت الإشارة إليها على أنها تلك العمليات المعرفية العليا الخاصة بالفرد والتي يقوم فيها بتأمل وإدارة وتنظيم المعلومات بشكل نشط ومتتابع بغرض تحقيق الأهداف والغايات (Flavell, Miller and Miller, 1985)، والتي تمثل قمة المهارات التي تسعى النظريات التربوية الحديثة إلى إكسابها للمتعلمين. ويعرف Biggs هذا المفهوم على أنه وعي الطلاب بعملية تعلمهم وامتلاكهم المهارات التي تتيح لهم اختيار الاستراتيجية المناسبة لهم والعمل على نشرها (Biggs, 1985)، كما ناقش Paris and Winograd (1990) بعدي مفهوم “ما وراء المعرفة”: التقييم الذاتي (Self-appraisal) والإدارة الذاتية (Self-management)، حيث يشير مفهوم التقييم الذاتي المعرفي إلى التأمل الذاتي الذي يقوم به الفرد لتقويم حالته المعرفية وقدراته من خلال الإجابة الذاتية عن مجموعة من التساؤلات ومنها: ماذا أعرف؟ كيف أفكر؟ متي وكيف يمكنني تطبيق معارفي واستراتيجيتي؟ بينما يشير مفهوم الإدارة الذاتية إلى قدرة الفرد على تخطيط وتنفيذ الاستراتيجيات بشكل سليم وكذلك مراقبة وضبط و حل مشاكل الأداء. وهنا يجب الإشارة إلى آراء الأشكال المختلفة للنظرية البنيوية:
البنيوية المعرفية/ الذاتية (Cognitive Constructivism):
نشأت تأثرا بأعمال Jean Piaget، وهي تعطي الأولوية للقدرات المعرفية للفرد ونمط تعلمه، واستطاع مطورو التعليم الإلكتروني مواجهة ذلك عن طريق توفير أنظمة وتقنيات رقمية توفر طرق تدريس تتواءم مع الفروق الفردية للطلاب مثل العمر والجنس والجنسية واللغة ونمط التعلم والخبرات السابقة والثقافة الذاتية – المجتمعية والمعتقدات، كما أن التطور السريع للتكنولوجيات الرقمية في مجتمع المعلومات أجبر الأفراد على قيادة وتوظيف المهارات المعرفية الذاتية في عملية التعليم والتعلم، بحيث أصبح التعلم المعرفي هو عملية ديناميكية يقوم فيها الفرد/المتعلم بتكوين واختبار فرضياته الخاصة حول حقيقة العالم، بحيث يتم معالجة المعلومات والبيانات وفقا لنمط تعلمه، في خضم واسع من احتمالات الصواب والخطأ دون إهمال المشاركة المعرفية للمعلم(Ezziane, 2007).
البنيوية الراديكالية (Radical Constructivism):
تأسست اعتمادا على أعمال Ernst von Glasersfeld، حيث تتعامل مع عاملين أساسيين : أولهما أن المعرفة يتم تكوينها في إطار تراكمي نشط، وثانيهما أن المعرفة تكتسب معناها فقط من خلال تنظيم خبرات المتعلم (Von Glasersfeld, 1995).
البنيوية الاجتماعية (Social Constructivism):
تأسست بناء على أفكار Joan Solomon. وعلى النقيض من البنيوية الذاتية، تؤكد البنيوية الاجتماعية على أهمية التعلم الجماعي بحيث تتشارك أدوار كل من المعلمين وأولياء الأمور والأقران والأعضاء الآخرين في المجتمع مع دور الفرد / المتعلم، بحيث يصبح التعلم عملية اجتماعية نشطة يقوم فيها المعلم بدور الميسر (Facilitator) والمناقش (Discussant) وربما المفاوض (Delegator). ومن هذه الزاوية، نظرت البنيوية إلى التكنولوجيا باعتبارها وسيطا هاما يوفر البيئة المناسبة للتفاعل الاجتماعي بين المتعلمين وسط خيارات متعددة يتاح فيها للمتعلم/مجموعة المتعلمين اختيار دراسة مفهوم معين، من قائمة الاختيارات والفهارس (The indexes) في توقيت معين مستعينين بالتعليمات المتوفرة حول هذا المفهوم والأمثلة الداعمة له (Cagiltay, Yildirim and Aksu, 2006)، وتنامى ذلك الاتجاه بشكل خاص بعد التحول النوعي للتعلم الإلكتروني من مجرد كونه نظام لإدارة التعلم (Learning Management System) إلى نافذة توفر المصادر المتنوعة الضرورية لاختيار وتصميم وتأدية الأنشطة القائمة على حل المشكلات والتحكم الذاتي والتعاون مع الآخرين باستخدام منصات التواصل الاجتماعي وسط تنامي مفهوم “مجتمع المعلومات” (Information Society).
ويمكن إيجاز النقاط السابقة فيما يخص طريقة تلقي المعلومات وتنامي المهارات، في أن الموضوعية نقلت المعلومات من المعلم إلى المتعلم بطريقة خطية أو ما يمكن أن نطلق عليه التعلم من الكومبيوتر (Learning from computer)، بينما قامت البنيوية الذاتية بتقديم معلومات نقاشية تفاوضية وتغير المفهوم إلى التعلم بواسطة الكومبيوتر (Learning with computer)، فيما عمدت البنيوية الاجتماعية إلى توفير بيئة مناسبة للمتعلم يستطيع فيها تشكيل وتكوين المعلومات الخاصة به من خلال منصة التعلم الذاتي (Gray, Ryan and Coulon, 2004). وبالتوازي مع ذلك يأتي التعلم الإلكتروني الذي يحتوي في إحدى نهايتيه بعض التطبيقات التقليدية، مثل العروض التقديمية (PowerPoint)، والتي ليس لها تأثير كبير على استراتيجيات التعليم والتعلم وعملية إدارتهما. بينما يأتي في النهاية الأخرى بيئات التعلم الافتراضية (VLEs) وبيئات التعلم المدارة (MLEs) بتأثيرهم الكبير على كافة عناصر عملية التعلم وإدارتها (Sife, Lwoga and Sanga, 2007).
وتجب الإشارة هنا إلى أن عملية التحول النوعي في التعلم جاءت تدريجية، حيث يشير الباحثون أنه ومع بداية حقبة التسعينات بدأت المرحلة الانتقالية ( الموضوعية + البنيوية) التي استطاع فيها التعلم الإلكتروني التقليدي التزود بوسائط تقنية جديدة مثل الإيميل ومنتديات الحوار والمناقشة حيث يستطيع المشاركون قراءة وإرسال الرسائل. ولكن تفاديا لعناصر قصور التعلم الإلكتروني التقليدي ،قامت البنيوية بتبني توجه إنشاء المعرفة (وليس مجرد تبادلها) من خلال المشاركة النشطة والتعاونية للطلاب حيث يوجد “تفاوض” حول محتوى وسياق المعرفة، وبذلك يستطيع كل متعلم إنشاء أو بناء الذاكرة المعرفية الخاصة به ودمجها مع خبراته السابقة. كما اعتمدت على العديد من الآليات لتحفيز وتشجيع مشاركة المتعلمين في بيئات التعلم الإلكتروني (Klamma et al., 2007)
وفي المراحل التالية، تنامى أثر بيئات التعليم الإلكتروني بحيث أصبحت معه جميع مكتبات العالم عبارة عن مكتبة افتراضية واحدة تتاح فيها قاعدة البيانات الخاصة بأي موضوع للجميع، بما فيها معيناته المكتوبة والمسموعة والمرئية، حيث أصبحت بيئات التعلم الإلكتروني مزودة بنماذج وأدوات رقمية ذات تأثير كبير. وقد مكنت شبكة الإنترنت من تحديث طرق التواصل بين الناس ووسائل التعليم والتعلم حيث أتاح الملايين من صفحات الويب ومحفوظات المواقع وبوابات المعرفة وقواعد البيانات والكثير الكثير من الأدوات التي مكنت المتعلمين من التعلم الذاتي وتكوين وبناء المعرفة بحيث لم يصبح التعلم الإلكتروني مجرد وسيط لانتقال المعرفة بل صار مجالا لها يحتاج التعامل معه إلى العديد من المهارات والكفايات النوعية والاتجاهات لدى مخططي التعليم وأصحاب اتخاذ القرار والمعلمين والمتعلمين (Manochehr, 2006).
ثالثا: ما مزايا وعيوب وعوائق استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في عملية التعليم؟
تؤثر التقنيات الرقمية تأثيراً عميقاً على الاقتصادات والمجتمعات وطريقة العمل والتواصل والانخراط في الأنشطة الاجتماعية والتمتع واللعب، كما أنها تقود الابتكار في العديد من مجالات الحياة المختلفة. ولا عجب أن هناك علاقة قوية جدا بين تنامي مهارات التعليم واستخدام التكنولوجيا الرقمية واستخدامها في مختلف مجالات الحياة (Peña-López, 2016). ومن هنا تأتي أهمية دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم والتعلم، ولكن تتوازى مزايا التطبيق مع بعض التاثيرات السلبية والعوائق التي تحول دون التطبيق الكلي والسليم لعملية الدمج.
مزايا دمج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التعليم والتعليم:
1- تحسين عملية التعليم والتعلم: (Bello, Oludele and Ademiluyi, 2018)
تأثر مجال التربية بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في كل من عمليات التعليم والتعلم والبحث العلمي، حيث ظهر تأثير الـ ICT من خلال العناصر التالية:
المناهج: تقدم الدعم القوي للمناهج المعاصرة القائمة على تأكيد المهارات، وخاصة مهارة توليد المعرفة وليس مجرد نقلها، والكفاءة والأداء (Performance-based curricula)، والاهتمام الأكبر بالكيفية التي تستخدم بها المعلومات وليس بمحتواها فقط (Oliver, 2008). وكذلك توفير البدائل المناسبة والمصادر المتنوعة للمناطق الصعبة في المناهج، بحيث أصبح الكومبيوتر أداة معرفية (Cognitive Tool) وليس مجرد جهاز للعرض.
المعلم: بالاستعانة بأدوات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، تم تدريب المعلمين على المشاريع التعاونية واستراتيجيات التغيير مما انعكس على قدرتهم الإيجابية في تصميم خبرات تعلم فعالة وذات معنى وترتبط بالممارسات العملية الواقعية (Noor-Ul-Amin, 2013b)، مركزها الطالب كشريك في تكوين المعلومات من خلال بيئة تعلم محفزة ونشطة وتعاونية.
استراتيجيات التدريس: ساعدت المساحة الزمنية المرنة التي وفرها دمج المناهج مع الـ ICT على زيادة تفاعل المتعلمين مع المعلومات، والذي استدعى أولا محاولة فهمها ذاتيا ثم محاولة التواصل مع الآخرين سعيا وراء تبادل الخبرات حولها والذي أدى في النهاية إلى ظهور سيناريوهات وطرق تدريس جديدة تتراوح بين أشكال التعلم الذاتي والتعاوني (Collaborative) مثل التعلم القائم على اللعب (Play-based learning) والتعلم القائم على الاستقصاء (Inquiry –based learning) والتعلم القائم على المشروعات (Project-based learning) والصف المقلوب (Flipped Classroom) وغيرها من طرق التعلم التي كان الـ ICT بمثابة العامل المحفز لها (Catalyst).
الطالب: ساعدت الـ ICT على زيادة دافعية التعلم لدى الطلاب واستمتاعهم بعملية التعلم القائم على الاستقصاء الذاتي وحل المشكلات والإبداع، مما أدى إلى تنامي اكتسابهم للمهارات التي يحتاجونها في المستقبل وخاصة مهارات القرن الواحد والعشرين كالتعلم الذاتي والتقويم الذاتي والتواصل. وحسب توصيف اليونسكو (2007) فإن استخدام أدوات Web 2.0 مثل Skype ، المدونات Blogs، و المنتديات، للحصول على المعلومات وإقامة شبكة من العلاقات مع المتعلمين الآخرين والمعلمين والمدارس وخبراء المادة والمجتمعات الأخرى، يعتبر وجها من أوجه التطوير المهني.
2- تحسين جودة التعليم وسهولة الوصول إليه:
يتيح الـ ICT للمتعلم إمكانية وحرية الحصول على المعلومات ونشرها، وبالتالي إمكانية التعليم والتعلم وقتما وأينما شاء، وكذلك الاطلاع على أفضل الممارسات العملية التطبيقية مما ساهم أيضا في إزالة العديد من القيود التي كانت تواجه المتعلمين وخاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة والفئات المحرومة والفقيرة (Bhattacharya and Sharma, 2007)، والتي يعتبر التعليم لديها بمثابة الوسيلة الأكثر أهمية من أجل الحراك الاجتماعي والاقتصادي وربما السياسي، والتغلب على الحواجز الاقتصادية والاجتماعية واللغوية وحواجز الزمان والمكان.
وبذلك ساهم الـ ICT في التقليل من التمييز الرقمي (Digital divide)، كما أنه ساعد حكومات الدول النامية الفقيرة على تخفيف التبعات الاقتصادية المتعلقة بالتعليم وخاصة ضرورة توفير بنية تحتية مكلفة ومرافق تعليمية وعدد كاف من المعلمين وبالتالي المساهمة في مواجهة معدلات التسرب العالية للمتعلمين (Unesco, 2002) والتي تعد من أكبر المشكلات التي تواجه العملية التعليمية في الدول النامية مثل الهند ومصر.
3- تحسين بيئة التعلم: (Voogt et al., 2017)
تعمل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على تغيير عمليات التعليم والتعلم من خلال إضافة عناصر حيوية لبيئات التعلم ومنها:
توفير البيئات الافتراضية (Virtual Environments) وأنظمة المحاكاة التي دعمت من مصداقية ووثوقية عملية التعلم وخاصة أثناء التعامل مع الأجزاء المعقدة والصعبة. كما عملت تطبيقات التعلم عن بعد على توفير التواصل الدائم بين المتعلم والمعلم داخل وخارج الصف مثل تطبيق Vialog، والذي يتيح للمعلم البث الحي للفيديوهات عبر الإنترنت ويمكن للطلاب المتابعين أن يقوموا بالتعليق على دقيقة معينة أثناء البث، وكذلك يتيح لهم نشر مشاريعهم ونقاشاتهم على هيئة فيديوهات وتلقي التغذية الراجعة حولها.
تعدد مصادر المعرفة، وخاصة تلك المستندة إلى الويب والوسائط المتعددة، وتنوع المهارات المطلوبة والمقصودة حول بيئة التعلم إلى بيئة نشطة محفزة تقوم على النهايات المفتوحة للتعلم وليس مجرد نقل المعلومات (Noor-Ul-Amin, 2013b).
مراعاة الفروق الفردية للمتعلمين بحيث يتناسب المحتوى العلمي والوسائط المستخدمة والمهام المطلوبة مع احتياجات المتعلمين مع توافر تغذية راجعة مناسبة.
توافر وتنوع طرائق التعلم والتي تتراوح بين التقليدي والإبداعي، الفردي والتعاوني الجماعي، في ظل استفادة قصوى من الوقت.
4- زيادة دافعية التعلم:
ساهم دمج الـ ICT في عملية التعلم في زيادة نسبة دمج المتعلمين من خلال توفيره لما يلي:
تحول المناهج من محورية المحتوى (Content-centered) إلى مناهج تقوم على الكفايات (Competence-based) المتعلقة بمجتمع المعرفة.
تحول خبرات التعلم إلى ممارسات واقعية متدرجة (Scaffolds) تهيئ المتعلم لسوق العمل.
استبدال نمط التدريس التقليدي بنمط آخر أكثر تفاعلية وتشويقا يعتمد على المتعلم كشريك في تكوين المعرفة واستكشافها من خلال تعدد مصادر المعرفة وأدوات المعرفة والوسائط التي يقدمها الـICT، مثل مقاطع الفيديو والراديو التفاعلي، الذي يعتمد على المؤثرات الصوتية والأغاني والمقاطع الدرامية والكوميدية، وبرامج التلفزيون والوسائط المتعددة التي تجمع بين النصوص والصوت والصور المتحركة الملونة، وألعاب الحاسوب التعليمية والجوالات الذكية، لتوفير محتوى موثوق يقوم على تحدي فكر المتعلمين (Noor-ul-Amin, 2013a).
إتاحة فرص التواصل وتبادل الخبرات مع المجتمعات التعليمية المختلفة عبر الانترنت، كما توفر الشبكة العنكبوتية العالمية (WWW) معرضًا عالميًا افتراضيًا يتيح للطلاب فرصة الاشتراك به ويعتبر مصدرا للإلهام بالنسبة لهم.
إتاحة الفرصة للطلاب لتقديم التغذية الراجعة لأنفسهم وللمجتمع المدرسي ساهم في ارتفاع مستوى المسؤولية -الذاتية والجماعية- التعليمية لديهم (Hanafi et al., 2017).
5- تعزيز الأداء الأكاديمي:
تشير الأبحاث إلى أن دمج الـ ICT بشكل صحيح في التعليم يمكن أن يحفز التحول النوعي في كل من المحتوى وطرق التدريس واللذان يعتبران بمثابة الجوهر لعملية إصلاح التعليم في القرن الواحد والعشرين. وتشير الدراسة التي أجراها Kulik’s (1994) إلى أنه في المتوسط، يزداد التحصيل الأكاديمي للطلاب الذين يستخدمون الـICT عن أقرانهم ممن لا يستخدمونها. كما أنهم يستغرقون وقتا أقل في التعلم ويظهرون ارتباطا شعوريا، قويا وإيجابيا بفصولهم. وقد أيدت الدراسة التي أجراها Fuchs and Woessman (2004) ، مستعينين بالنتائج الدولية لاختبار الـPISA، هذه النتائج. وقد أوعز بعض الباحثين ذلك إلى أن استخدام المتعلمين للـICT يزيد من دافعية التعلم لديهم مما يزيد من الزمن الذي يقضيه الطالب في ممارسة التعلم خارج الفصل وبالتالي ارتفاع المستوى الأكاديمي له في ظل نمو ملحوظ لمهارات التعلم الذاتي ومهارات التواصل (Bello, Oludele and Ademiluyi, 2018).
التأثيرات السلبية لاستخدام التكنولوجيا:
عدم اكتساب الطلاب للمهارات الحسابية الأساسية (Arithmetic skills) بسبب اعتمادهم على الحاسبة الإلكترونية.
عدم اكتساب المهارات الأساسية للقراءة والكتابة والإملاء (Literacy skills) بسبب الاعتماد على التطبيقات الحاسوبية مثل Grammar check and Microsoft word processing.
تحول الطلاب إلى التركيز على الجانب التكنولوجي بدلا من المحتوى العلمي حيث تتحول مواقع مثل Facebook و Twitter و Youtube و Instagram ومواقع الشبكات الاجتماعية الأخرى إلى وسائل إلهاء ومضيعة لوقت التعلم (Bello, Oludele and Ademiluyi, 2018).
الانحلال الأخلاقي (Moral decay) حيث أنه من السهل الدخول على مواد غير مناسبة ومخلة عبر الإنترنت.
طمس الهوية الثقافية المجتمعية واستبدال الشبكات الاجتماعية الحقيقية والمواطنة الحقيقية بأخرى افتراضية مما يؤثر على فكرة رأس المال الاجتماعي Social Capital.
فقدان الخصوصية وتسرب الملفات الخاصة عبر الإنترنت من خلال برامج التجسس والهاكرز وخاصة بالنسبة لصغار السن الذي لا يجدون حرجا من إرسال صورهم الخاصة أو النصوص المكتوبة دون حماية، عبر الهواتف الخلوية أو إرسال المحتوى الجنسي (Roblyer, 2016)، مما يعرضهم للابتزاز والتهديد.
إدمان الإنترنت والاستخدام المفرط للتكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي بشكل سيء قد يؤدي إلى مخاطر التعرض لبعض الأمراض الاجتماعية والنفسية والعضوية. ومن أمثلة المخاطر المرتبطة باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي: التنمر الإلكتروني (Cyberbullying)، وهو الذي يحدث عندما يتعرّض طفل أو فتى أو مراهق للتهديد والإذلال والتهكّم اللفظي والاعتداء المعنوي والإحراج من طفل أو فتى أو مراهق آخر عبر الإنترنت ومواقع التفاعل الرقمي (Kim et al., 2018)، وفي دراسة أجراها Juvonen and Goss (2008) على 1450 طالبا تتراوح أعمارهم بين الـ12 و17 عاما، وجد أن 77% من العينة قد تعرضت لحادثة واحدة على الأقل من حوادث التنمر الإلكتروني.
ومن الأمثلة أيضا على الاستخدام السيء للتكنولوجيا تأتي المخدرات الرقمية (i-Dosing) والتي تمثل الاستماع إلى مقاطع غريبة من الموسيقى ذات ترددات معينة تسبب إفراز مواد منشطة تسبب الإحساس الزائف بالنشوة (ecstasy) وتؤدي إلى إدمان الاستماع إليها (Roblyer, 2016).
السرقات العلمية والبحثية عبر مواقع الإنترنت وانتشار ثقافة القص واللصق دون وجود تعلم حقيقي أو بحث موثوق.
استخدام برامج وتطبيقات غير مرخصة بشكل غير شرعي.
معيقات دمج الـICT في التعليم:
لا يخلو استخدام الـICT في عملية التعليم والتعلم من تحديات مصاحبة، ويمكن رصد بعضها في النقاط التالية:
1- معوقات الدرجة الأولى (First-Order Barriers) (Sherman and Howard, 2012):
نقص المعدات والأجهزة والمصادر.
نقص الدعم: وينقسم الدعم إلى فئتين: الدعم التقني لمواجهة أعطال الأجهزة التي تسبب الكثير من الإحباط للمعلمين، الدعم الإداري ودعم أصحاب القرار .
نقص التمويل: مشتريات وصيانة الأجهزة والشبكات والإنترنت عالي السرعة والمرافق وبرامج التدريب تحتاج إلى ميزانيات كبيرة قد تحول الظروف الاقتصادية لبعض الدول دون توفيرها. وكذلك على مستوى الأسرة، فتوفير أجهزة كمبيوتر وشرائح إنترنت خارج الفصل الدراسي يمثل عائقا يحول دون التوسع في استخدام ودمج الـICT.
القيود البيئية – المكانية: يمثل حجم الغرف والفضاء المتاح بها وكذلك غياب البنية التحتية المناسبة من توصيلات كهربائية وشبكات إنترنت عائقا كبيرا يحول دون توظيف التكنولوجيا. ( في دراسة أجريت في الأردن وأخرى في اليونان: تم رصد أن سبب عدم ملاءمة الأماكن المخصصة للـIT يعود إلى كونها في الأساس، لم تكن مخصصة لذلك وإنما تم تشييدها كفصول دراسية عادية (Ihmeideh, 2009)
حالة الفصول الدراسية: ارتفاع عدد الطلاب داخل الصف يستنزف جهدا ووقتا كبيرا من المعلم فيما يتعلق بإدارة ومراقبة دخول الطلاب إلى الحواسيب.
عدم وجود برامج تعليمية مناسبة.
المبادئ العامة للمناهج والنظم التعليمية الإدارية: قد يصطدم المعلم بعدم وجود تعليمات واضحة بشرعية استخدام بعض البرامج والتطبيقات داخل الفصل أو خارجه، كما أن الخط العام لبعض المناهج، كالمنهج المصري، ما زال يكرس الأنشطة المختبرية كأنشطة رئيسية للتعلم دون وجود أنشطة مخططة بوضوح لدمج الـICT، مما يعرض المعلم للمساءلة الإدارية عند عدم الالتزام بتنفيذ توجهات المنهج وأنشطته، كما يؤدي ذلك أيضا إلى عائق آخر وهو نقص الوقت الممكن تخصيصه لإعداد ومراجعة ومتابعة تنفيذ أنشطة تعلم تدمج الـICT.
2- معوقات الدرجة الثانية (Second -Order Barriers):
وتشتمل على:
اتجاهات المعلمين وقناعاتهم التربوية: (Plumb and Kautz, 2016)، حيث يبدي العديد من المعلمين تحفظهم على الاستخدام الواسع للـ ICT في التعليم لأسباب عدة منها: أن استخدامه يدعم الانعزالية والفردية لدى المتعلمين، كما أنه يمثل تهديدا للممارسات التقليدية المرتبطة بمرحلة الطفولة ومنها اللعب الحر (Lindahl and Folkesson, 2012). كما أن الأطفال الصغار لا يمتلكون المهارات الاجتماعية والحركية والمعرفية الناضجة التي تؤهلهم لاستخدام الـIT. و يميل بعض المعلمين كذلك إلى أنماط التدريس التقليدية لما يمثله استخدام الـIT من عبء على مستوى الوقت والجهد والالتزام.
نقص المعارف والمهارات الخاصة بالدمج السليم للـ ICT في التعليم (Edwards, 2005).
نقص التدريب.
قلة ثقة المعلمين بأنفسهم في مدى قدرتهم على توظيف التكنولوجيا في التعليم.
رابعا: بعض نماذج دمج الـ ICT في التعليم والتعلم:
هناك العديد من الاتجاهات الأكاديمية التي طورها الباحثون في محاولة لطرح طرق مختلفة للتغلب على عوائق الدرجة الثانية لعملية دمج الـ ICT في التعليم، ومنها ثلاثة نماذج غالبًا ما تُستخدم في المدارس وإعدادات التطوير المهني وتمثل ثلاثة وجهات نظر مختلفة للتطبيق الفعال للتكنولوجيا في التعليم: نشر الإبداع (Diffusion innovation) و TPACK و SAMR.
ففي الوقت الذي يوفر فيه نموذج نشر الإبداع فرصة طرح الاستخدام الفعال للتكنولوجيا الرقمية عبر النظم الاجتماعية، يلفت نموذج TPACK الانتباه إلى أشكال المعرفة التي يحتاجها المعلمون الأفراد لدمج التقنيات الرقمية بفعالية في ممارساتهم، وفي الوقت ذاته، فإن نموذج SAMR هو إطار يسمح بالنظر في فعالية استخدام التكنولوجيا الرقمية في الأنشطة الصفية المختلفة.
وفي الختام، يمكن القول أن العديد من الدول، ومنها مصر ومعظم الدول العربية والدول النامية، لم تتخط بعد مرحلة تطبيق التعليم الإلكتروني التقليدي الذي يتعامل مع الحاسوب على أنه مجرد أداة للعرض داعمة لعملية التعلم، وليس كونه مصدر معرفي وأداة معرفية تساعد الطلاب في تنمية مهارات التعلم الذاتي وتكوين المعرفة. ويتم ذلك إما عن عمد نظرا لوجود مشكلات اقتصادية تمنع عملية استقطاب الأشكال الأحدث من تكنولوجيا الاتصالات والتدريب عليها وإنشاء البنية التحتية اللازمة للتطبيق، أو نتيجة غياب الوعي الأكاديمي والمهني بأهمية دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تشكيل هوية المتعلم في القرن الواحد والعشرين، أو نتيجة وجود تخوف مجتمعي ثقافي من التغيير يبدأ بتخوف الوالدين، ومرورا بالمعلمين، ومنتهيا بالمخططين وأصحاب القرار. و يخلق هذا ممانعة مجتمعية مستترة تعيق عملية الدمج حتى وإن توافرت الأجهزة والمعدات والمرافق، حيث لا يمكن دمج الـ ICT مع التعليم بفاعلية إلا مع إيمان المجتمع ككل بفاعلية دور التكنولوجيا في مجال التعليم والتعلم وضرورة اقتناعهم بأن تطبيق التكنولوجيا لن يؤدي إلى أي اضطرابات في المنهج أو تحقيق المخرجات التعليمية أو الهوية الثقافية، ثم يعقب ذلك بناء معلم متدرب قادر ومؤمن بأهمية التغيير في ظل مجتمع عالمي متغير يعيد تعريف كل الأسس التربوية القديمة، ثم بناء مناهج تقوم على تنمية الكفايات بناء على منظومة مهارات القرن الواحد والعشرين (التفكير الناقد (Critical thinking)-التواصل (Communication)-التعاون من أجل التعلم (Collaboration)-الإبداع (Creativity)– التنظيم الذاتي – دمج التقنية) وترى أن دمج الـICT يوفر البيئة المناسبة لتلبية هذه التطلعات.
وفي مصر على سبيل المثال، تسعى وزارة التعليم إلى دمج الـ ICT بشكل كامل في التعليم عبر تزويد كل طالب بحاسوب لوحي (Tablet) مزود بشريحة إنترنت عالي السرعة ومتصل ببنك المعرفة المركزي والمناهج