اشتهر العرب أكثر ما اشتهروا بالتجارة. لذا، كان بديهيا أن تظهر الأسواق، كظاهرة بارزة تتميز بطفرة نشاط في شبه الجزيرة العربية.

مفردة سوق، بالمناسبة، اشتقت من سوق الناس بضائعهم إليهم… توجد أيضا في اللغات السامية، لكن الباحثين لم يصلوا إلى الجزم بمن أخذها عن الآخر.

الكثير من الروايات تشير إلى أن هذه الأسواق كانت، قبل ذلك، محطات تجارية، وبعضها أماكن مقدسة توجد بها أصنام تتعبدها القبائل، وتأتي للتقرب إليها في مواسم معينة هي مواسم الحج…

اختلف أهل الأخبار في عدد هذه الأسواق، فهي عند ابن حبيب 12 سوقا، وعند اليعقوبي 10 أسواق، أما الهمذاني فيرى أنها كانت 11 سوقا، في حين اختلف آخرون في تحديد عددها.

اشتهر العرب أكثر ما اشتهروا بالتجارة. لذا، كان بديهيا أن تظهر الأسواق، كظاهرة بارزة تتميز بطفرة نشاط في شبه الجزيرة العربية.

غير أنه، بعد عكاظ، تأتي في الأهمية سوق ذي المجاز، وذلك لأنها من مواسم الحج؛ تأتيها وفود الحجاج من سائر العرب. تقوم حين يهل هلال ذي الحجة، وتنتهي في يوم التورية[1]؛ أي قبل عرفة.

كانت العرب تأتي إلى ذي المجاز من سوق مجنة، التي كانت تقام في العشر الأواخر من ذي القعدة، ويأتون إليها هي أيضا من عكاظ، وقد كانت من أكبر أسواق “الجاهلية“، تأتي في المرتبة الثالثة، بعد عكاظ وذي المجاز[2].

الذي يهمنا ليس عدد الأسواق بالتدقيق، فنادرا ما اتفق أهل الأخبار فيما يخصها، إنما المهم إدراك أن الأسواق هذه كانت ظاهرة بارزة في حياة العرب ما قبل الإسلام.

كان من هذه الأسواق ما يقتصر على ما جاورها من قرى، ينزل فقط بساحة قبيلة ما، كسوق هجر وحجر اليمامة وغيرها، ومنها ما كان عامّا تفد إليه الناس من شبه الجزيرة كلها، كسوق عكاظ مثلا.

انسجاما مع ما للقبيلة من أهمية في الحياة العربية قبل الإسلام، فقد كان بعضها يخضع لسيطرة بعض القبائل التي تقع الأسواق ضمن منطقة نفوذها.

مما تميزت به هذه الأسواق، أن الشعراء كانوا يؤمونها ليصدحوا فيها بقصائدهم

الذي نقصده في هذا الملف إذن، الأسواق الموسمية، التي تقوم في أيام معينة، حيث يؤمها الناس من كل حدب وصوب.

هذه الأسواق قد يكون لها موقع جغرافي مهم، كأن تقع على ساحل البحر، مثل عدن وصنعاء وعمان… ومن ثم، يكون شأنها أكبر من الأسواق التي تقوم في قلب شبه الجزيرة، كحجر أو حضر موت…

يوضح المؤرخ السوري سعيد الأفغاني ذلك في كتابه “أسواق العرب في الجاهلية والإسلام”، فيقول إن الأولى كان الاتجار فيها شائعا مع الجيران من الهند والحبشة والفرس، فيما كان الاتجار في الأسواق الثانية يقتصر على القبائل المتاخمة لها.

أهمية هذه الأسواق، يقول الأكاديمي العراقي ظاهر الشمري في كتابه “لمحة عن الأحوال الاقتصادية عند العرب قبل الإسلام”، كانت كبيرة على نحو عده البعض، مع الموحد الإيديولوجي؛ أي الدين الإسلامي، من الأسباب الأساس في توحيد نظرة العرب إلى العالم وصهر

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG