
لا شك أن السؤال والجدل الدائر بين المثقفين يُعدّ بمثابة سجل أمين على مجتمع في لحظة تاريخية معينة. فكيف لنا أن نفهم مجتمعًا معينًا بعيدا عن سجالات عصره وأسئلة مثقفيه ولغة نخبته على اختلاف أطيافهم ومشاربهم؟
إن السؤال المطروح في عصرٍ ما؛ هو روح هذا العصر وممكناته للتطلع إلى الأمام أو التلذذ بالهاوية. ومع اشتداد التساؤل، ومع محاولة الإجابة عليه والاستجابة الواعية له، ينفتح عصر جديد.
في ليلةٍ ماطرةٍ من ليالي كوبا الثائرة، جلس تشي جيفارا وسط معارك مفتوحة الاحتمالات. (باتيستا) لم يكن لديه أي مانع يحول دون استئناف المعارك على المتمردين مهما كانت الكلفة، وكانت الثورة على الطرف الآخر تعبّر عن نفسها بأشعار بابلو نيرودا: ألا ما أجمل الخبز والرصيف، وأيام العشاق والثوار.. كان حلم الجميع أن يقضى على باتيستا بينما كان يتكثف في عقل ثائرنا الموعود جيفارا سؤال آخر: “ماذا لو نجحت الثورة في كوبا؟ هل نستطيع أن نبني مجتمعًا جديدًا بإنسان قديم؟ تلك هي عقدة موقفنا!”
ومن رحم تلك الأسئلة تتولد عصور جديدة، فـ”القطيعة مع الماضي” ليست مطلوبة؛ وهي عندي تعادل “الإقامة فيه”، كيف ننفخ في أزماتنا فتصير قادرة على التنوير؟