
لحقيقة أن حصر هذا العدد على وجه الدقة من الصعوبة بمكان، فبين عامي 1814 و1914 حصلت 13 أزمة مصرفية في الولايات المتحدة الأمريكية، كان أسوأها في سنة 1907، حيث انخفضت القيمة السوقية لأسهم بورصة نيويورك نحو 37 بالمئة!!
لكن يبقى أهم و أشهر كارثة اقتصادية شهدها العالم في القرنين الأخيرين؛ هي الانهيار الكبير لبورصة وول ستريت عام 1929 تبعه أعظم كساد في التاريخ والذي استمر حتى أواخر 1939، ولم يستفق منه الاقتصاد العالمي إلا عبر الاستفادة من نتائج الحرب العالمية الثانية!!
الاقتصاديون والأزمة
في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كانت النظرية الطاغية في أوساط الاقتصاديين هي نظرية السوق التنافسية الحرة، حيث تنص هذه النظرية أن آلية السوق (العرض و الطلب) قادرة وحدها على الحفاظ على توازن السوق و حمايته من الأزمات. فماذا كان رد الاقتصاديين حينها؟
لم نر شيئاً مماثلًا من قبل!
أحدثت الأزمة حينها هزة عنيفة في أوساط الاقتصاديين الذين عجزوا عن إيجاد مخرج لها باستخدام النظريات التي درسوها وروجوا لها طوال قرنين من الزمن، ولكن مع ذلك لا زالت هذه النظرية تدرس في أرقى الجامعات العالمية على أنها أكثر النظريات نجاحًا في تسيير الاقتصاد، بل و تم اعتبار أول من وضع هذه النظرية بـ”أبوالاقتصاد الحديث”، فمن هو هذا الرجل؟
آدم بن آدم آل سميث
ولد آدم سميث في الخامس من يونيو عام 1723 من أسرة اسكتلندية، درس بمدرسة بيرغ في مسقط رأسه مدينة “كيركالدي” الاسكتلندية، و التي كانت تعد من أفضل المدارس الثانوية على مستوى اسكتلندا قاطبة. في سن الرابعة عشرة من عمره التحق سميث بجامعة “غلاسكو” ، وهناك تعلم ودرس الفلسفة الاجتماعية والأخلاقية على يد “فرانسيس هاتشيسون” وهو من نمّى لديه الشغف بالحرية والعقل..
يُعد أول من كتب في النظرية الاقتصادية بصفة أكاديمية؛ مما انعكس على عرضه الأفكار بطريقة منظمة.
فكتابه الأشهر (بحث في طبيعة و أسباب ثروة الأمم) يُعد من أمهات الكتب في الاقتصاد، ومن المراجع الأكثر شهرة في هذا العلم على الاطلاق، فتناول “آدم سميث ” للاقتصاد كان متفردًا في تحليله للاقتصاد؛ كعلم مستقل منفصل على باقي المجالات الأخرى كالفلسفة والدين والاجتماع، والتي كان الاقتصاد يدرس كفرع منها.
رائد مدرسة الحرية الاقتصادية
يعتبر “سميث” الأب الروحي للاقتصاد الحديث والسياسي منه خاصة، حيث يعتبر من أهم علماء الاقتصاد في التاريخ البشري. وسنستعرض في مايلي أهم نظرياته الاقتصادية.
كل الأسس التي سنتناولها مستمدة من كتابه المشهور اختصارًا بـ”ثروة الأمم” والذي أنفق من عمره تسع سنوات ليكمله ويخرجه في خمسة أجزاء، وكتابه الآخر” نظرية الشعور الأخلاقي”
اليد الخفية “The Invisible Hand”:
“ما الذي يحقق المنفعة العامة؟” ببساطة يرى “آدم سميث” أن الإنسان أناني بطبعه، لكن ذلك ليس سيئًا بالضرورة. فالجزار الذي يبيع اللحم لا يفعل ذلك بنية توفير اللحم الطازج للناس بأسهل طريقة، لكن دافعه الأساسي؛ هو الحصول على أقصى ربح من اللحم الذي يبيعه،