على عوائدهما، وتمثل العوائد النفطية ما يزيد عن 92% من إجمالي الإيرادات، ويمكن ملاحظة تأثر اقتصاد قطر سلبًا إبان أزمة انهيار أسعار النفط منتصف عام 2014 وكذلك خلال أزمة كورونا عام 2020.
لكن مع انتعاش أسعار النفط خلال 2022 وتداعيات الحرب الروسية على أوكرانيا، عادت الموازنة القطرية لتحقيق الفوائض المالية من جديد. شهدت ميزانية عام 2021 فائضًا بنحو 1.5 مليار دولار، وفي عام 2022 تحققت طفرة بفائض ميزانية بلغ نحو 24.3 مليار دولار.
ومع نتائج الربع الأول من هذا العام 2023، استمرت قطر في تحقيق فوائض في الميزانية، حيث بلغ الفائض 5.4 مليار دولار، ويعود هذا الفائض لاعتبارات تتعلق بتقديرات موازنة 2023 التي اعتمدت سعرًا احترازيًا لبرميل النفط عند 65 دولار، بينما السعر المتحقق في المتوسط خلال الفترة بلغ 82.2 دولارًا للبرميل.
ويتوقع أن يستمر الفائض بالميزانية القطرية خلال بقية عام 2023، بسبب استمرار أسعار النفط عند سقف 80 دولار في المتوسط، حتى لو شهد سعر النفط تراجعًا عن هذا المتوسط، فإنه لن يصل إلى السعر الاحترازي الذي بُنيت عليه تقديرات موازنة 2023.
تأثير مبيعات النفط والغاز
تظهر أثار أي التغيير في أسعار النفط والغاز، صعودًا وهبوطًا، بوضوح على المؤشرات الاقتصادية الكلية لقطر. وإذا نظرنا إلى مؤشر الناتج المحلي الإجمالي للدولة، نجد أنه في عام 2014 كان بقيمة 206 مليار دولار، ثم انخفض في عامي 2016 و2020 إلى 151 مليار دولار و144 مليار دولار على التوالي، وذلك بسبب التراجع الذي شهدته أسعار النفط في السوق الدولية في هذه الأعوام.
لكن مع انتعاشة الأسعار في عامي 2021 و2022، وجدنا الناتج المحلي يعود مرة أخرى للارتفاع إلى 179.6 مليار دولار و237 مليار دولار على التوالي، وذلك حسب أرقام قاعدة بيانات البنك الدولي. يتكرر الأمر بالنسبة للمتوسط السنوي لنصيب الفرد من الدخل القومي الذي تعد فيه قطر من أفضل المتوسطات على مستويين الإقليمي والدولي. في عام 2014 بلغ متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي 89 ألف دولار، وتراجع في عامي 2017 و2020 إلى 57 ألف دولار و58 ألف دولار، ثم ارتفع في عامي 2021 و2022 إلى 62 ألف دولار و70 ألف دولار، ورغم التحسن الحاصل إلا أنه يلاحظ عدم بلوغ متوسط نصيب الفرد من الدخل القومي ما كان عليه في عام 2014.
ويعود ترتيب قطر المتقدم عالميًا، وفق هذا المؤشر إلى محدودية عدد سكانها مقارنة بالعوائد المتحققة من الثروة النفطية، وتشير التقديرات إلى أن عدد السكان من المواطنين القطريين يزيد عن 300 ألف بقليل من مجموع 2.7 مليون نسمة يقيمون في البلاد.
وحسب احصاءات التقرير العربي الموحد لعام 2022، تنتج قطر 611 ألف برميل من النفط يوميًا، كما أن ثروتها من الغاز المسوق تبلغ نحو 207 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي في العام، وذلك وفق إحصاءات عام 2021. ويبلغ احتياطي قطر من النفط وفق نفس المصدر نحو 25.2 مليار برميل، ويبلغ احتياطي البلاد من الغاز الطبيعي نحو 23.8 تريليون متر مكعب.
خطة التصرف في الفائض
حسب تصريحات وزير المالية القطري، علي الكواري، عند اعتماد موازنة هذا العام 2023، تتجه قطر إلى التصرف في الفائض عبر توجيهه في ثلاث مسارات رئيسة، هي سداد الدين الخارجي ودعم احتياطيات النقد الأجنبي لدى البنك المركزي وزيادة رأس مال جهاز قطر للاستثمار.
الجدير بالذكر أن قطر في حالة تشبع من حيث الإنفاق على البنية الأساسية، حيث أنها استمرت لنحو 10 سنوات في حالة إنفاق على البنية الأساسية استعدادًا لتنظيمها مسابقة كأس العالم لكورة القدم التي أقيمت آواخر عام 2022. وبالنظر إلى البند الأول من بنود توظيف فوائض الميزانية القطرية، وهو سداد الدين العام، نجد أن اهتمام الدول عادة ما ينصب على الدين الخارجي، لما له من تبعات، وحسب الإحصاءات الرسمية القطرية، فإن الدين الخارجي بلغ 219 مليار ريال قطري (ما يعادل 62 مليار دولار) بحسب احصاءات عام 2021، وهو رقم شديد التواضع مقارنة بالوضع المالي الجيد لقطر، فضلًا عن أنه ليس مطلوب سداده في عام واحد بل حسب الفترة الزمنية التي اتفق على سداد القروض فيها.
لم تواجه قطر مشكلة في الاقتراض من السوق الدولية إبان حاجتها للقروض بسبب أزمة تراجع أسعار النفط بالسوق الدولية، ذلك أن ثروتها النفطية تقوي موقفها في الاقتراض كما أنه يضمن حصولها على أسعار فائدة معتدلة، شأنها في ذلك شأن الدول النفطية الخليجية، وبخاصة السعودية والإمارات.
وفيما يتعلق بالبند الثاني الخاص بدعم احتياطيات النقد الأجنبي بالبنك المركزي، فإن الاحصاءات تشير إلى بلوغ الاحتياطي نحو 66.3 مليار دولار وهو الأفضل لأداء هذا المؤشر منذ سنوات، وبما يشمل عام 2014 حين كان عند مستوى 43 مليار دولار، وهو ما يعني أن ثمة تحسنًا كبيرًا في أداء هذا المؤشر لطبيعة توظيف الفوائض