الطاقة المتجددة عالميًا خلال العام الماضي (2022)، في ظل أزمة الطاقة التي شهدها العالم، ولا سيما قارة أوروبا في أعقاب حرب روسيا وأوكرانيا.

ويشرح المدير الفني للمركز الإقليمي للطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة خبير الطاقة المستدامة الدكتور ماجد كرم الدين محمود، في الدراسة التي أجراها -وحصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منها- كل المستجدات في هذا القطاع المهم خلال العام المنصرم.

وجاءت الدراسة تحت عنوان “تطورات الطلب على الطاقة المتجددة عالميًا”، وأبرزت أنه على الرغم من أن عام 2022 قد شهد أزمة طاقة طاحنة بالتزامن مع تدهور اقتصادي وارتفاع معدلات التضخم على مستوى العالم؛ فإنه كان بمثابة انطلاقة لمصادر الطاقة المتجددة، التي حققت انتشارًا سريعًا في القطاعات المختلفة.
أزمات متلاحقة

أوضحت الدراسة أن العالم قد شهد، منذ أكتوبر/تشرين الأول عام 2021، أزمة طاقة عالمية حادة نتيجة زيادة الطلب مع الانتعاش الاقتصادي السريع في أعقاب التباطؤ الذي حدث خلال انتشار جائحة كورونا (كوفيد-19).

وقد تفاقمت أزمة الطاقة، بعد الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت في فبراير/شباط 2022؛ ما نتج عنها ارتفاع أسعار الطاقة في أوروبا والعديد من دول العالم إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008.

وأرجعت تقديرات وكالة الطاقة الدولية نسبة 90% من الزيادة في أسعار الكهرباء في عام 2022 إلى ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري، ولا سيما الغاز الطبيعي؛ حيث كانت زيادة الأسعار ومشكلات الإمدادات وراء أكثر من نصف هذا الارتفاع.

ولفتت الدراسة إلى أن ارتفاع أسعار الوقود الأحفوري قد أثّر سلبًا في القطاعات المستهلكة للطاقة كافة، ودفع مزيدًا من البشر إلى الفقر، وأجبر المصانع على خفض الإنتاج، وتباطؤ النمو الاقتصادي عبر القطاعات.

 

سعت بعض الحكومات في العالم إلى البحث عن مصادر بديلة للوقود الأحفوري لمواجهة الاضطرابات في إمدادات الطاقة، بينما اختار البعض الآخر تقديم دعم كبير للوقود الأحفوري لحماية المستهلكين من ارتفاع الأسعار، وفقًا للدراسة.

وترتّبت على هذه الأزمة زيادة مشاركة الطاقة المتجددة في قطاعات الطلب على الكهرباء كافة، حسبما ذكر أحدث تقرير لشبكة سياسات الطاقة المتجددة -ومقرها في باريس- عن الوضع العالمي للطاقة المتجددة خلال العام المنصرم، الذي ركز على الطلب في 4 قطاعات رئيسة هي البناء والصناعة والنقل والزراعة.

وزادت مساهمة الطاقة المتجددة في مختلف قطاعات الطلب على الكهرباء حسب تقديرات الوكالة الدولية للطاقة؛ حيث بلغت نحو 16.8% من استهلاك قطاع الصناعة، و15.5% لكل من قطاعي المباني والزراعة، و4.1% في قطاع النقل.

وسلّطت دراسة “تطورات الطلب على الطاقة المتجددة عالميًا” الضوء على أن مصادر الطاقة المتجددة قد أسهمت بنحو 60% من زيادة الطلب على الكهرباء خلال العقد الماضي (2010-2020).
التغلب على الأزمة

وضع العديد من الدول حزمًا من السياسات للاستجابة المباشرة لارتفاع معدلات التضخم وزيادة تكاليف الطاقة، خلال العام المنصرم؛ أبرزها خطة المفوضية الأوروبية لإنهاء الاعتماد على الوقود الأحفوري الروسي قبل عام 2030؛ ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، وقانون خفض التضخم الأميركي.

وتهدف كلتا الحزمتين إلى تحفيز النمو الاقتصادي من خلال خطط الدعم التي تستهدف -من بين عدة محاور أخرى- إنتاج الطاقة المتجددة واستعمالها مع تعزيز الصناعة المحلية، حسبما أوردت الدراسة.

وصُمِّمَت الخطة الأوروبية للحد من آثار اضطراب سوق الطاقة الناجم عن الحرب في أوكرانيا ومعالجة وفورات الطاقة في جميع قطاعات الاستعمال النهائي، بالإضافة إلى تنويع إمدادات الطاقة.

وتهدف أوروبا إلى زيادة إنتاج الطاقة المتجددة من 40% -حاليًا- إلى 45% بحلول عام 2030، وتتضمن الخطة -أيضًا- التزامًا بتركيب الطاقة الشمسية على الأسطح في المباني العامة كافة بحلول عام 2025.

كما تتطلع القارة الأوروبية على المدى الطويل للتوسع في استعمال الهيدروجين الأخضر بصناعة الصلب.
السيارات الكهربائية في أميركاحوافز ضريبية

لفتت دراسة “تطورات الطلب على الطاقة المتجددة عالميًا” إلى أن قانون خفض التضخم الأميركي قد خصص 370 مليار دولار بمثابة إنفاق جديد على الطاقة وتغير المناخ، بجانب تخفيضات ضريبية تتعامل مع قطاعات الطلب الرئيسة على الطاقة.

ففي قطاعي المباني والنقل، يوفر القانون تخفيضات ضريبية على السيارات الكهربائية والأجهزة الموفرة للطاقة وتركيب الطاقة الشمسية على الأسطح واستعمال التدفئة الحرارية الأرضية والبطاريات المنزلية.

كما حظي قطاعا الصناعة والزراعة بحوافز ضريبية للاستثمار الخاص في مصادر الطاقة المتجددة.

وفي عام 2022 -أيضًا- نشرت الصين خطتها الخمسية الـ14، ومن المتوقع أن تُسهِم الدولة بما يقرب من نصف جميع القدرات الجديدة المضافة من الطاقة المتجددة على مستوى العالم خلال المدة بين 2022 و2027.

كما أعلنت الهند، في أوائل العام الجاري 2023، واحدة من أكثر الخطط شمولًا في العالم للهيدروجين الأخضر؛ بما في ذلك برنامج دعم بقيمة 2.3 مليار دولار أميركي يهدف إلى الاستفادة من أسعار الطاقة المتجددة الرخيصة لإنتاج الهيدروجين المتجدد للصناعة والنقل.
سياسات المناخ

أشارت دراسة “تطورات الطلب على الطاقة المتجددة عالميًا” إلى أن سياسات المناخ المُعلنة في عام 2022 قد دفعت المزيد من الجهود الطموحة لإزالة وخفض الانبعاثات الكربونية الناجمة عن استعمال الطاقة في قطاعات الاستخدام النهائي بمعظم دول العالم.

وخلال عام 2022، راجعت 10 دول وثائق وأهداف مساهماتها المحددة وطنيًا نحو خفض الانبعاثات بموجب اتفاقية باريس للتغير المناخي، غير أنه من بين 193 دولة مُوقعة للاتفاقية؛ فإن 25 دولة فقط قد حددت أهدافًا للوصول إلى الحياد الكربوني.

ودعت الدراسة إلى ضرورة ترجمة السياسات المناخية إلى إجراءات تمكينية وتنفيذية ملموسة وقابلة للتحقق والقياس على مستوى المحافظات أو الولايات أو المدن أو المحليات أو القرى وكذلك في القطاعات كافة.

وللدلالة على استمرار الجهود نحو مزيد من الطاقات المتجددة على مستوى القطاعات مثل المباني والنقل والصناعة والزراعة؛ فقد وصل إجمالي الدول التي لديها إما سياسات وإما أهداف في قطاع استخدام نهائي واحد على الأقل إلى 94 دولة بحلول نهاية عام 2021.

كما أعلنت مختلف دول العالم، في عام 2022، أكثر من 80 سياسة جديدة داعمة للطاقة المتجددة قُدمت في معظم الأحوال في شكل حوافز مالية وضريبية وجمركية.

غير أن السياسات الداعمة التنظيمية في شكل لوائح وقوانين وقرارات تسمح بآليات ونماذج أعمال لنشر الطاقات المتجددة في مختلف قطاعات الطلب على الكهرباء لم تشهد الزخم نفسه، حسبما أشارت الدراسة.
-10

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG