، بل نبني بها التفكير، وننقل المعرفة، وننتج الثقافة، ونفهم ذواتنا والعالم من حولنا. ومنذ الفيلسوف أرسطو، الذي وصف الإنسان بأنه (الكائن الناطق)، ظلّ هذا التصور راسخًا، اللغة ملكة إنسانية خالصة، لا تضاهيها أنظمة التواصل الأخرى في الطبيعة ولا في الآلات.

لكن هذا اليقين بدأ يتعرض لهزّات متتالية مع التطور السريع لنماذج الذكاء الاصطناعي اللغوية، ومع القفزة النوعية التي شهدتها النماذج في عام 2025، لم يَعد التساؤل يدور حول قدرة الآلة على المحاكاة، بل انتقل إلى منطقة أكثر عمقًا: هل بدأت الخوارزميات بالفعل في فهم المنطق الكامن وراء اللغة وتفكيك شفراتها كما يفعل البشر؟
أولًا؛ نماذج الذكاء الاصطناعي من محاكاة الكلام إلى التفكير في اللغة:

في السنوات الأخيرة، أظهرت النماذج اللغوية الضخمة، مثل: ChatGPT، قدرة لافتة على إنتاج نصوص طبيعية، وإجراء حوارات متماسكة، والكتابة بأساليب مختلفة. ومع ذلك رأى الكثير من اللغويين في ذلك مجرد محاكاة إحصائية ذكية، لا ترقى إلى الفهم الحقيقي.

فقد جادل علماء اللسانيات لسنوات، بأن النماذج اللغوية الضخمة ليست سوى (ببغاوات إحصائية) بارعة في التنبؤ بالكلمة التالية، لكنها تفتقر تمامًا إلى القدرة على استيعاب القواعد التوليدية العميقة. وقد لخّص عالم اللسانيات الشهير نعوم تشومسكي هذا الموقف في عام 2023، حين كتب مع مشاركين آخرين في نيويورك تايمز أن “التفسيرات الصحيحة للغة معقّدة، ولا يمكن تعلّمها عبر الانغماس في كميات ضخمة من البيانات وحدها”. ووفق هذا الطرح، قد تُجيد نماذج الذكاء الاصطناعي توظيف اللغة، لكنها تعجز عن تحليلها تحليلًا عميقًا ومجردًا.

ببساطة، يرى تشومسكي أن تكديس ملايين البيانات في عقل الآلة لا يعني أنها أصبحت تفهم “هندسة اللغة” كما يفهمها البشر.

لكن يبدو أن الآلة بدأت تتمرد على هذه التوقعات. ففي دراسة حديثة أجراها البروفيسور جاسبر بيجوس، عالم اللغويات في جامعة كاليفورنيا في بركلي، بالتعاون مع ماكسيميليان دابكوفسكي، الحاصل على درجة الدكتوراه في اللغويات من الجامعة نفسها في عام 2025، وريان رودس، الأستاذ المساعد في مركز روتجرز للعلوم المعرفية، نجح أحد النماذج في تفكيك شفرات لغات مخترعة لم يسبق له تعرّفها.

فقد قرر الباحثون خلال الدراسة وضع الذكاء الاصطناعي في اختبار لغوي حقيقي، لذلك أخضعوا عددًا من النماذج اللغوية الكبيرة لاختبارات لغوية صارمة، صُممت خصوصًا لتجنّب

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG