فمن خلال ذلك الوسط الرائد والتكنولوجيات المرتبطة به، أصبح من الممكن أن تصل المعلومات والإعلانات إلى مليارات الأشخاص فورًا وفي وقت واحد. وقد أدى ذلك إلى تغيير أغلب أوجه حياتنا – الخاصة، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية، والسياسية – إلى الأفضل.

مع ذلك، وُجه النقد إلى شبكة الإنترنت نتيجة لإدمان المستخدمين لها؛ حيث يقضون ساعات يوميًّا في تصفحها. فيظلون خلال ذلك الوقت بعيدين عن عائلاتهم وأصدقائهم، مما قد يؤدي في النهاية إلى الشعور بالاكتئاب، والانعزال، وإضعاف الروابط الاجتماعية.

وحقيقة الأمر أن شبكة الإنترنت هي الحلقة الأخيرة في سلسلة من الطفرات التكنولوجية التي غيرت تمامًا من شكل حياتنا، بل والعالم بأسره. فقد يكون من شأن التعرف على ردة فعل الناس الأولى للطفرات التكنولوجية السابقة واستخدامهم لها بعد ذلك أن يضيء لنا الطريق.

فعندما نفعل ذلك، سندرك أن كل طفرة جديدة في تكنولوجيا الاتصالات طرأت خلال المائتي عام المنصرمة – مثل التلغراف، والهاتف، والراديو، والسينما، والتليفزيون، ومن ثمَّ الإنترنت – قد استقبلت في البداية بتوجس من تأثيرها السلبي على الصلات الاجتماعية.

بدايةً، كان للتلغراف تأثير عميق على حياة البشر في القرن التاسع عشر. فبفضل التلغراف الذي اخترعه صمويل مورس، أصبح من الممكن إرسال الرسائل من لندن إلى نيويورك واستقبالها في غضون دقائق؛ فأصبح بإمكان الناس معرفة الأحداث الجارية في المناطق البعيدة من العالم في خلال ساعات أو أيام بدلاً من أسابيع أو شهور.

فكان الربط بين أوروبا وأمريكا في عام 1858 من خلال كابل عابر للمحيط الأطلنطي «حدث القرن»؛ إذ اُستقبل بجلبة كبيرة. وقد زعمت السجلات آنذاك أنه سيتم توصيل العالم بأسره ببعضه بكابلات، وأن ذلك سيؤدي إلى إفشاء السلام العالمي. فوفقًا لمقال افتتاحي لإحدى الجرائد، كان من المعتقد أنه «من المستحيل أن تستمر الخلافات والعداوات القديمة في ظل ابتكار مثل هذا الجهاز الذي صمم لتبادل الأفكار بين جميع الدول على سطح الأرض».

إلا أن الحكومات خشت وقع ذلك الاختراع على إمكانية التواصل الفوري بين الأفراد. فعلى سبيل المثال، قام قيصر روسيا نيكولا الأول بمنع استخدام التلغراف بوصفه «أداة مدمرة». وقد شهد عصرنا نفس الحفاوة والتخوف استقبالاً للإنترنت.

بعد ذلك، قام الهاتف – والذي اُخترع صدفة على يد ألكسندر جراهام بيل في ثمانينيات القرن التاسع عشر بينما كان يعمل على تطوير تلغراف متعدد القنوات – بتحويل التلغراف إلى جهاز توصيل بين نقطتين يمكن للجميع استخدامه، وليس المشغلين الذين يعلمون الشفرات فحسب.

وكان تأثير الهاتف هو زيادة التواصل المنتظم بين أفراد العائلة، والأصدقاء، وشركاء العمل، وبالأخص هؤلاء الذين يعيشون بعيدًا ويصعب زيارتهم بسهولة، مما دعم الصلات الاجتماعية. ومع ذلك، ظلت الشكوك تثار حول تأثير التليفون سلبيًّا على الصلات العائلية، وإضراره بالعلاقات، وعزل الأشخاص؛ فنشرت المجلات حينذاك مقالات؛ مثل «هل تدمر الهواتف حياتنا في المنزل وعاداتنا القديمة كزيارة الأصدقاء؟»

 

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG