
كان ظهور اليابان كدولة حديثة خلال الفترة ما بين عامي 1853 و1945 مذهلاً بكافة الأشكال. فقد كان أسرع وأكثر جرأة وجنوناً مما قد يتخيله أي شخص. ولكنه في نفس الوقت كان قاتلاً ومدمراً للذات. وفي لحظة تحول الحلم الذي استمر لـ93 عاماً كابوساً بدأ وانتهى بسفن حربية أمريكية.
بدأت القصة مع دخول أربع من السفن الحربية الأمريكية إلى المياه اليابانية في عام 1853 بغرض إجبار اليابان على فتح أبوابها أمام التجارة الغربية بعد ما يقرب من قرنين من العزلة الاختيارية التي فرضتها اليابان على نفسها والمعروفة باسم “ساكوكو” أي “العزلة الوطنية”، قبل أن تصحو على كابوس القنبلة الذرية في عام 1945.
وبدءًا من حادثة الهجوم على بيرل هاربر وانتهاء باستسلام الإمبراطور بعد الهجوم النووي الذي استهدف مدينتي هيروشيما وناكازاكي، استمرت الحرب بين اليابان وقوات الحلفاء 3 سنوات وثمانية أشهر. ولكن احتلال الأمة المهزومة بدأ في أغسطس/آب 1945 وانتهى في أبريل/نيسان 1952، أي أنه استمر 6 سنوات و8 أشهر.
جمع الشتات .. من حيث انتهى الآخرون
وبعد الهزيمة واجه الاقتصاد الياباني الكثير من المشاكل، غير أن المشكلة الأبرز كانت هي البطالة. فعندما تم حل الجيش كان قوامه يشمل 7.6 مليون جندي، في حين أدى توقف الإنتاج العسكري إلى خسارة نحو 4 ملايين لوظائفهم. وفي نفس الوقت تم إجبار 1.5 مليون من اليابانيين المقيمين في الخارج على العودة لوطنهم.
لكن بشكل ما تمكن اليابانيون من إعادة بناء أمتهم لتصبح قوة اقتصادية عالمية في أقل من 40 عاماً، وذلك لم يحدث فقط بفضل السياسات الحكومية، بل تحقق أيضاً بفضل الجهد التراكمي والعمل الجاد من قبل الشعب الياباني الذي كان يمتلك قدرة فريدة على اكتساب وتحسين المهارات ومن ثم تطبيقها على نظامه الخاص.