السفر والتنقل جزء من حياة الإنسان، قلما يستغنى عنه الناس في بدو أو حضر. وللإنسان من وراء السفر حاجات وأغراض دينية ودنيوية، فردية، واجتماعية. فهو يسافر لطلب العلم، ولطلب الرزق، ولطلب الأمن، ولطلب الشفاء، ولطلب الثواب بالحج أو العمرة، أو الجهاد، كما يسافر لأغراض علمية واجتماعية مثل زيارة الأقارب والأصدقاء، أو التعرف على معالم البلدان الأخرى، والمشاركة في ندوات أو مؤتمرات، وقد يكون السفر لمجرد ترويح النفس بعد عناء العمل الطويل، وكل هذا مشروع، ولا حرج فيه.

لهذا عني الإسلام بالسفر وجعل له أحكامًا، تقوم على التيسير والتخفيف عن المسافر وتضع له رخصًا وأحكاما شتى، في الطهارة والصلاة والصيام والزكاة، فإن مصرف” ابن السبيل” للمسافر المنقطع عن وطنه وماله، وإن كان غنيًا في بلده.

شرعية الفطر للمسافر

ومن الرخص التي شرعها الإسلام للمسافر: رخصة الفطر في الصيام، وهي ثابتة بالقرآن والسنة والإجماع، ففي القرآن: قال الله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة:185).

وقد أعاد الله تعالى في هذه الآية ما ذكره في الآية السابقة، التي كانت تمثل مرحلة في التشريع ثم نسخت: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين}. وذلك ليؤكد بقاء هذا الحكم، وأنه لم ينسخ كما نسخ حكم التخيير بين الصوم والفطر مع الفدية. أكد القرآن أن المريض والمسافر يفطران ويقضيان عدة من أيام أخر، بعدد الأيام التي أفطراها. وجاءت السنة فأكدت هذا الحكم قولاً وعملاً وتقريرًا.

ففي الصحيحين: عن عائشة أن حمزة بن عمرو الأسلمي قال للنبي صلى الله عليه وسلم: أأصوم في السفر؟ -وكان كثير الصيام- فقال: ” إن شئت فصم، وإن شئت فأفطر” (متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان -684) ، وفي رواية لمسلم: أنه قال: يا رسول الله، أجد مني قوة على الصوم في السفر فهل علي جناح؟ فقال: “هي رخصة من الله تعالى، فمن أخذ بها فحسن، ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه” (الحديث -1121 عن صحيح مسلم- كتاب الصوم). وهو قوي الدلالة على فضيلة الفطر

وعن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، خرج إلى مكة في رمضان، فصام حتى بلغ الكديد، أفطر، فأفطر الناس (متفق عليه، اللؤلؤ والمرجان-680) . وعن أبي الدرداء: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، في يوم حار، حتى يضع الرجل يده على رأسه من شدة الحر، وما فينا صائم، إلا ما كان من النبي صلى الله عليه وسلم

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG