الاقتصادية. في العالم العربي، يمتلك قطاع السياحة إمكانات هائلة للنمو والتطور بفضل الثروات الطبيعية والتاريخية والثقافية الفريدة التي تتمتع بها هذه المنطقة الممتدة من المحيط إلى الخليج.
تطور السياحة في العالم العربي

في العقود الأخيرة، شهد قطاع السياحة في العالم العربي نموًا ملحوظًا. حيث بدأت العديد من الدول العربية بالاستثمار بشكل كبير في تطوير البنية التحتية السياحية لتعزيز قدراتها في استقبال السياح من جميع أنحاء العالم. الإمارات العربية المتحدة، على سبيل المثال، أصبحت وجهة سياحية رئيسية بفضل استثماراتها الضخمة في الفنادق الفاخرة والمرافق الترفيهية والمعالم السياحية البارزة. كذلك قطر، التي استفادت من الفعاليات الكبرى التي استضافتها لتضع اسمها على خارطة السياحة العالمية وتصبح عنصرًا فاعلًا ومقصدًا للسياح من حول العالم، وقبلهما المملكة العربية السعودية التي تعد في طليعة الوجهات بطبيعة الحال كونها مقصدًا لملايين الحجاج والمعتمرين.
العائدات السنوية من السياحة
سياحة في العالم العربي.. نهضة واعدة وتحديات

وفقًا لإحصائيات منظمة السياحة العالمية (UNWTO)، حققت الدول العربية عائدات سنوية تقدر بحوالي 75 مليار دولار في عام 2019. هذا الرقم يعكس الأهمية الاقتصادية الكبيرة للسياحة في المنطقة. الإمارات العربية المتحدة وحدها حققت حوالي 21 مليار دولار من عائدات السياحة في نفس العام، بينما حققت مصر نحو 13 مليار دولار والمغرب حوالي 8 مليارات دولار.
اشترك في نشرتنا اليومية لتصلك عبر البريد الإلكتروني
أوافق على الشروط والبنود

السنوات التالية لهذا التقرير شهدت انهيارًا كبيرًا، جراء ما شهده العالم إبان انتشار فيروس كورونا بين 2020 و2022، نتيجة لتوقف حركة السفر والسياحة. وعاد القطاع في المنطقة للتعافي بشكل ملحوظ. إذ وفقًا لتقارير صندوق النقد العربي، بلغت عائداته في العالم العربي حوالي 90 مليار دولار عام 2023، بزيادة نسبتها 20% مقارنة بعام 2019. الإمارات استمرت في الصدارة بـ24 مليار دولار، تلتها السعودية بـ15 مليار دولار، ثم مصر بـ14 مليار دولار، والمغرب بـ10 مليارات دولار.
سياحة في العالم العربي.. نهضة واعدة وتحديات

وتوقع تقرير لوكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني أن ترتفع مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة 161.5% على أساس تراكمي إلى أكثر 340 مليار دولار بحلول عام 2030. وأشار إلى أن القطاع ساهم بحوالي 130 مليار دولار في اقتصادات المنطقة خلال 2023.
استراتيجيات تعزيز دور السياحة

لكن، كيف يمكن تعزيز دور المنطقة سياحيًا لاستقطاب أعداد أكبر من السائحين؟ يرى عصام كاظم، المدير التنفيذي لمؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري، أن دول منطقة الشرق الأوسط تزخر بالعديد من المقومات السياحية الفريدة التي تعزز موقعها على خارطة السياحة العالمية وتجعلها وجهة مستدامة للزوار من مختلف أنحاء العالم، بداية من الموروث الثقافي الغني والمتنوع، مروراً بالآثار التاريخية الفريدة، ووصولاً إلى البنية التحتية، وحفاوة الضيافة.

وقال: “استطاعت دول مجلس التعاون الخليجي من خلال التنسيق فيما بينها من النهوض بهذا القطاع إلى مستويات متقدمة، فهي تحرص على بناء قطاع سياحي مستدام ومبتكر، وإطلاق المشاريع السياحية التي تتوافق مع طبيعة كل دولة، وتلبي تطلعات وأذواق الزوار. ويواصل قطاع السياحة في هذه الدول تحقيق نمو متزايد وإثبات قدرته على دفع الاقتصادات الوطنية إلى مستويات أعلى، وذلك من خلال التشريعات والمبادرات المشتركة التي تسهم في جعلها محط أنظار المسافرين من شتى أنحاء العالم”.

ومن ضمن الاستراتيجيات التي تم اعتمادها بهدف استقطاب مزيدًا من السائحين إلى دول مجلس التعاون الخليجي، التأشيرة السياحية الموحدة التي تتيح لحاملها، زيارة 6 دول هي السعودية، والإمارات وقطر والبحرين وعمان والكويت.

تستهدف الاستراتيجية الخليجية السياحية المشتركة “2023-2030” زيادة عدد الرحلات الوافدة إلى دول المجلس بمعدل سنوي 7%، والوصول إلى 128.7 مليون زائر بحلول 2030. كما تستهدف دول مجلس التعاون الخليجي زيادة إنفاق السياح الوافدين إلى 188 مليار دولار بحلول 2030.
التسويق السياحي والترويج للوجهات السياحية
سياحة في العالم العربي.. نهضة واعدة وتحديات

لاشك أن الجهد المبذول من قبل الجهات الرسمية والخاصة لتفعيل وتقوية القطاع السياحي في الدول العربية يعتبر هائلًا، لاسيما في ظل العديد من التحديات والعقبات التي تواجهه. ويقول مزمل أحسين الرئيس التنفيذي لشركة “المسافر” عن هذا الموضوع: “ثمة العديد من التصورات الخاطئة حول المنطقة العربية، والتي يتعين علينا معالجتها من خلال مواصلة تعريف المسافرين بالإرث الثقافي الغني للمنطقة، وتوجهاتها المستقبلية الطموحة، وعروض الاستجمام والسياحة رفيعة المستوى التي تقدمها. ومن أبرز الفرص المتاحة لذلك معارض السفر مثل “سوق السفر العربي”، ومعرض “آي تي بي برلين”، و”آي تي بي الصين”، و”ملتقى السياحة السعودي” الذي يركز تحديداً على السياحة المحلية؛ وتجتمع هذه الفعاليات تحت مظلتها مكونات المنظومة السياحية بالكامل لمشاركة رؤاهم المستدامة للقطاع، وممارساتهم المبتكرة، وتوسيع نطاق وصولهم إلى قاعدة جماهيرية أوسع عالميًا.

وتابع: “حققت استراتيجية السياحة الطموحة للسعودية، والمدعومة باستثمارات حكومية قوية وشراكات استراتيجية مميزة مع القطاع الخاص، إنجازات مهمة؛ وكشف تقرير “اتجاهات السفر” الذي أصدرناه مؤخراً عن نمو النشاط السياحي المحلي بشكل كبير مع حرص المسافرين على اكتشاف الأنشطة المحلية والاستمتاع بتجارب الإقامة الفاخرة في المملكة. وأن تستطيع المملكة تحقيق هدفها باجتذاب 100 مليون سائح قبل 7 سنوات من الموعد المحدد لذلك، فهذا بالتأكيد يشكل دليلاً ملموساً على التأثير بعيد المدى للاستراتيجية السياحية ومرونتها الكبيرة. ومع المضي قدماً في إنشاء المدن المستقبلية مثل “نيوم” والوجهات السياحية الفاخرة مثل “العلا” ومشروع القدية الترفيهي الضخم الذي بات يحظى باهتمام عالمي واسع، تبدو الآفاق واعدةً جداً لنمو قطاع السياحة المحلي والدولي”.
سياحة في العالم العربي.. نهضة واعدة وتحديات

وتجاوز عدد السياح في السعودية خلال 2023 بحسب تصريح سابق لوزير السياحة السعودي أحمد الخطيب عتبة 100 مليون سائح منهم 77 مليون سائح من داخل المملكة، و27 مليوناً من خارجها، وأشار إلى أن مجموع ما أنفقوه قارب 100 مليار ريال (27 مليار دولار)،

وتعمل المملكة بشكل جدي على تطوير مناطقها التاريخية والثقافية لتعزيز السياحة التراثية. من أبرز هذه الجهود، تطوير منطقة “العلا” التي تحتوي على آثار تاريخية تعود لآلاف السنين، وتجديد البنية التحتية في مكة والمدينة لاستقبال أعداد متزايدة من الحجاج والمعتمرين.

وتسعى السعودية أيضًا إلى تسهيل إجراءات الحصول على التأشيرات السياحية وتحسين الخدمات السياحية لتقديم تجربة مميزة للزوار.

وتركز الجهود أيضًا على تعزيز السياحة الداخلية من خلال تنظيم مهرجانات وفعاليات ثقافية وترفيهية، مثل “موسم الرياض” و”موسم جدة”، والتي تستقطب عددًا كبيرًا من الزوار المحليين والدوليين.

وتعتبر الاستثمارات الكبيرة في البنية التحتية السياحية، مثل تحسين المطارات وتطوير شبكة النقل العام، جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية المملكة لتعزيز السياحة.

ومن المتوقع أن تسهم هذه الجهود في تحقيق رؤية المملكة 2030 وجعل السعودية وجهة سياحية عالمية.
التحديات والفرص المستقبلية

رغم الإمكانات الكبيرة، يواجه قطاع السياحة في العالم العربي العديد من التحديات. من أبرز هذه التحديات التوترات السياسية والأمنية في بعض الدول، والتي تؤثر بشكل مباشر على جذب السياح. بالإضافة إلى ذلك، هناك تحديات بيئية تتعلق بالتغير المناخي وتأثيراته على المعالم الطبيعية. على الجانب الآخر، هناك فرص هائلة لتطوير قطاع السياحة في العالم العربي. يمكن للدول العربية الاستفادة من التوجهات العالمية نحو السياحة المستدامة، السياحة الثقافية، والسياحة الرقمية لتعزيز قدرتها التنافسية. الاستثمار في التكنولوجيا وتحسين البنية التحتية السياحية يمكن أن يساهم بشكل كبير في جذب المزيد من السياح وتحقيق النمو الاقتصادي.
الم

المدونات
ما هو الاتجاه الجديد

المدونات ذات الصلة

الاشتراك في النشرة الإخبارية

احصل على آخر الأخبار والتحديثات

النشرة الإخبارية BG